الجمعة، نوفمبر 13، 2015

تفريغ سورة البقرة من آية 120 إلى آية 126.




 الوجه الثّامن عشر من سورة البقرة

يقول تعالى :
( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )



يخبر الله تعالى رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم

أنّه لا يرضى منه اليهود ولا النّصارى إلا بإتّباع دينهم

لأنّهم دعاة إلى الدّين الذّي هم عليه ، وليسو دعاة لله عزّ وجل

ولو أنّهم كانوا حقيقة دعاة إلى الله سبحانه وتعالى
لقبلوا دعوة محمّد صلّى الله عليه وسلّم .



لكنّ الموضوع كان موضوع تعصّب فلنحذر الهوى، الهوى مهلك

من الذي أهلك اليهود والنّصارى إلا الهوى

وإلا لو كانوا يعبدون الله وكان الهدف، والمقصد، والوِجهَه هي الله سبحانه وتعالى لرضوا بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 


لأنّهم دعاة إلى الدّين الذّي هم عليه ويزعمون أنّ الهدي هديهم


قال الله عزّ وجل : ( قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ )

 ليس هدى محمد، وليس هدى أحد.

الهدى هو الله، الوجهة هو الله سبحانه وتعالى .

أتى بها موسى، أتى بها عيسى، أتى بها محمّد صلّى الله عليه وسلّم

كلّهم رسل من الله سبحانه وتعالى .

الوجهة و المقصود هو " الله "



وذكرنا أكثر من مرة، وأكثر من موقف لابدّ أن تحدّدين وجهتك ومقصدك من هو ؟

لأنّه سترتاحين كثيرًا إذا كانت الوجهة واضحة والمقصد واضح، والرؤية واضحة

بإذن الله سترتاحين في أمورك حتّى لو واجهتك صعاب ستكون الصّعاب لديك "لذيذة" حتّى لو واجهتك محن "ستتلذذين "بها ،
حتى لو واجهك بلاء "ستتلذذين" به بإذن الله "سبحانه وتعالى "
وهذا عوض من الله "سبحانه وتعالى".


 قل إنّ الهدى هدى الله أما ما أنتم عليه فهو الهوى

فهذا فيه النّهي العظيم عن إتّباع أهواء اليهود والنّصارى،
والتّشبّه بهم فيما يختصّ فيه دينهم .


والخطاب إن كان للرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ فإنّ أمّته داخلة في ذلك لأنّ الإعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب

كما أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السّبب .




ثمّ يقول الله تعالى بعدها :
( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )



دعونا نقف عند قوله عزّ وجل : ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ )

يقرأونه حقّ القراءة، يتدبّرون به، يتفكّرون، يفهمون معانيه، يتّخذون هذا القرآن موجّه لهم، يتّخذون هذا القرآن دليل لهم يعملون بما فيه يحلّون حلاله، ويحرّمون حرامه، ويؤمنون بمتشابهه، ويعملون بمحكمه،
هذا هو معنى قوله عزّ وجل : ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ )


 ياربّ عندما يتلونه حقّ تلاوته ماهي النّتيجة ؟


( أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ )


أولئك يؤمنون به معناها إذا كنتِ تقرأين حروف وأنتِ لا تفهمين ماذا يقول الله عزّ وجل ..

هذا ليس تلاوة حق تلاوته، حتّى لو عرفتِ التّجويد، حتّى لو عرفتِ القراءة الصّحيحة عن العلماء

إلا أنّه ماذا ؟ إذا كان ينقصك العمل به فهذا أمر عظيم

ومعناها أيضا الذين لا يتلونه حقّ تلاوته لا يؤمنون به .



( وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )

من الذي يكفر به ؟

قد يقرأون القرآن، قد يعرفون حروفه، قد يصحّحون لك، قد يكونون أفضل من قراءتك

إلا أنّهم ماذا ؟

" لا يتلونه حقّ تلاوته " 

حقّ تلاوته معناها ( يتلونه حقّ تلاوته باللفظ، يتلونه حقّ تلاوته بالمعنى،
يتلونه حقّ تلاوته بالفهم، يتلونه حقّ تلاوته بالعمل، يتلونه حقّ تلاوته 
بكلّ أمر يدخل تحت " يتلونه حق تلاوته " .


ومن يكفر به قد يكون يقرأه، قد يكون يعرف حروفه لكن لا يعمل به،
 هذا يعتبر كافر به .



( فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) خسروا الدّنيا والآخرة .



إنّ للإيمان علامة وعلامته العمل، لقوله عزّ وجل :

( أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ )



مِنّة الله تعالى على من آتاه الكتاب ولكن ليس مجرد إتيان الكتاب فضيلة للإنسان

 بل الفضيلة بتلاوته حقّ التّلاوة

فلا نكون مثل الحمار يحمل أسفارًا.



وهذه جلسات التّدبر أعظم نعمة منّ " الله عزّ وجل " بها علينا ، له المنّة وحده  ، وله الفضل وحده.


نسأل الله عزّ وجل  أن يفتح لنا فتوح العارفين به يا ذا الجلال واﻹكرام .



ثمّ يقول الله تعالى :
( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ )


يخبر الله تعالى أنّ الذي آتاهم الكتاب ومنّ عليهم بهم منّة مطلقة أنّهم يتلونه يتبعونه حقّ الإتّباع والتّلاوة اﻹتباع فيحلّون حلاله، ويحرّمون حرامه،
 هذا كلام ابن سعدي ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه،
 وهؤلاء هم السّعداء من أهل الكتاب الذّين عرفوا نعمة الله وشكروها ،
وآمنوا بكلّ الرّسل ولم يفرّقوا بين أحد منهم؛ لأنّهم يؤمنون بالله،
لأنّ وجهتهم " الله"، لأنّ مقصودهم "الله"،
 أولئك هم المؤمنون حقّا .



ثمّ يقول : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ )

  تكرير النّداء السّابق لبني إسرائيل في سياق تحذير المؤمنين من التّشبّه بأهل الكتاب وكأنّها بهذا التّكرير تخاطب الخلف منهم كما خاطبت السّلف

فتذكرهم بالنّعم التّي أنعم الله بها عليهم، وتحذّرهم أنّ تفضيل آباءهم على العالمين ليس بمغني عنهم شيئًا،
وتخوّفهم يومًا لا يقبل فيه فداء ولا تنفع فيه شفاعة شافع، ولا يجدون لهم نصيرًا.



وهذا كلّه لحثّ اليهود وغيرهم على اتّباع الرّسول صلّى الله عليه وسلّم،
  النّبيّ، اﻷمّي، المُبَشّر به في التّوراة .

ولعلهم يتركون ضلالهم ، ويرجعون إلى رشدهم .


ثمّ يقول تعالى : ( وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ  )


لايجدون ناصرا لهم عن الله "عزّ وجل "


ثمّ قال تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ  )

هنا آيات إبراهيم عليه السّلام واﻹختبار ومقام اﻹمامة وكيف وصل إلى اﻹمامة


إذًا ماالرّابط بين بني إسرائيل وبين إبراهيم عليه السّلام ؟



بعد أن ذكر الله تعالى وجه الرّبط في ذلك

بعد أن ذكّر الله تعالى بني إسرائيل بنعمه وبيّن كيف كانوا يقابلون النّعم بالكفر والعناد، وذكر مافعله المشركون من صدّ عن المسجد الحرام ، ومنع المسلمين الموحّدين عن عبادة الله تعالى فيه

أعقب ذلك بقصّة إبراهيم عليه السّلام أبي الأنبياء الذّي ينتسب كلّ من أهل الكتاب والمشركين إليه

ويدّعي كلّ فريق منهم أنّهم على ملّته ولو صدقوا لاتّبعوا النّبيّ الكريم
محمّد صلّى الله عليه وسلّم

ودخلوا في دينه القويم؛ لأنّه أثر دعوة إبراهيم عليه السّلام، محمّد صلّى الله عليه وسلّم هو أثر دعوة أبيه إبراهيم عليه السّلام حين دعا لأهل الحرم .



( وَإِذِ ابْتَلَى ) المبتلِي هو " الله " والمبتلَى هو إبراهيم عليه السّلام 
واﻹبتلاء: الاختبار واﻹمتحان



( بِكَلِمَاتٍ ) مامعنى بكلمات ؟

 كلّ ما أمر الله به شرعًا أو قضاه عليه قدرًا

  ممّا يحتاج إلى صبر ومصابرة .



( أَتَمَّهُنَّ ) يعني أداهن أحسن أداء من غير تفريط وتواني .



(  إِمَامًا ) ما معنى إماما قدوة في الدّين


" اللهم إني أسألك الإمامة في الدّين يا ذا الجلال والإكرام ".


والإمام من يُقتَدى به سواء في الخير أو في الشّر.


يخبر الله تعالى عن عبده وخليله إبراهيم عليه السّلام المتّفق على إمامته وجلالته،
الذّي كلّ من طوائف أهل الكتاب تدّعيه ، أهل الكتاب يدّعونه، والمشركون يدّعونه، كلّ يقول إبراهيم عليه السّلام منّا .


أنّ الله ابتلاه وامتحنه بكلمات، الله عزّ وجل يخبر محمّد صلّى الله عليه وسلّم
 أنّ هذا إبراهيم الذّي يدعونه أهل الكتاب ويدعّونه المشركين أنّ الله عزّ وجل
 ابتلاه بكلمات أي بأوامر ونواهي

كما عادة الله عزّ وجل في ابتلاءه لعباده


لماذا يبتلي الله عزّ وجل عباده ؟ ما السّبب يارب ؟ هل تعذبهم ؟


لا ليتبين الكاذب الذّي لا يثبت عند الابتلاء والإمتحان ،
من الصّادق الذّي ترتفع درجته، ويزيد قدره، ويزكوا عمله، ويخلّص ذهبه .

وكان من أجلهم في هذا المقام إبراهيم عليه السّلام


فأتمّ ما ابتلاه الله به، و أكمله، ووفّاه، فشكر الله له ذلك، ولم يزل لله شكورًا


فقال : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا )


يقتدون بك يا إبراهيم في الهدى، ويمشون خلفك إلى سعادتهم اﻷبدية،
ويحصل لك الثّناء الدّائم، واﻷجر العظيم، واﻷجر الجزيل، والتّعظيم من كلّ أحد .


وهذا لعمر الله أفضل درجة تنافس فيها المتنافسون، وأعلى مقام شمّر إليه العاملون، وأكمل حالة حصلها أولو العزم من المرسلين وأتباعهم .
  
من كلّ صدّيق مُتّبِع لهم داعيًا إلى الله وإلى سبيله .


فلما اغتبط إبراهيم بهذا المقام وأدرك هذا الطّلب، طلب ذلك لذرّيته،
يا الله يا إبراهيم ! يا الله يا إبراهيم !

لم تنسى ذريتك وأنت في هذا المقام ؟

 لم ينسى ذريته وهو في هذا المقام .



( فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ  )


أولاً تأمّلي في قول إبراهيم ( وَمِن ذُرِّيَّتِي ) لم ينساهم وهو في هذه اللحظة،
وفي أجلّ المقامات، وفي أعظمها، لم ينساهم

أبو حق أبونا إبراهيم

قوليها بقلبك افتخري بها

أبوك إبراهيم " لم ينساك "

في أجلّ المقامات وفي أعظم المقامات

طلب من الله ( عزّ وجل ) أن تكونين أنتِ إمامة

إمامة المتّقين

طلب لك الإمامة من الله سبحانه وتعالى


فأجابه الرّحيم اللطيف وأخبر المانع من هذا المقام

ما هو الذّي يمنع لنا أن نكون أئمة في الدّين ؟

كلنا نطلب أن نكون أئمة في الدّين

طيب ما هو المانع ؟

انتبهي

اسمعي ماهو المانع ؟


ما لا ينال الإمامة في الدّين :

* من ظلم نفسه وضرّها

* وحطّ من قدرها

* أو ظلم آخرين


لقوله : ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ  )

الظّالمين لن ينالوا عهدي .


 من هو الظّالم ؟

أولًا أن لا تظلمين نفسك بالشّرك

لأنّه أعظم ظلم للنّفس إنّك تشركين بالله، أعظم ظلم ظلم النّفس .


- كيف اﻹنسان يظلم نفسه كيف تشركين بالله سبحانه وتعالى ؟.

 تعبدين غير الله .

تطلبين غير الله .

تسألين غير الله .

ترجين غير الله .

تشكرين غير الله .

تخافين من غير الله .

تستعينين بغير الله .

تستغيثين بغير الله .

لن تنالين الإمامة


أو تظلمين اﻵخرين

احذري من الظّلم 

لعلك تنالين هذه الإمامة .


 هذا المقام كيف آليته ؟ كيف نصل له ؟

بأمرين: الصّبر واليقين


عليك بالصّبر واليقين أصلا لن تصبرين حتى يكون عندك يقين أنّ الله عزّ وجل
عادل، وحاكم وأنّ الله عزّ وجل حكيم، وأنّ الله عزّ وجل رحيم .



أمور ثلاثة لا تنسيها دائم :

1- أنّ الله حكيم

2- وأنّ الله عادل

3- وأنّ الله رحيم


لا تتدخلين في تدابير الله عزّ وجل

يدبّر اﻷمر سبحانه يصرف الأمر" جلّ وعلا ".


 إذا تريدين أنتِ اﻹمامة عليك بأمرين :


أول شي اليقين ، وهي من بداية سورة البقره وهي تتحدث عن اليقين :
( لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ  )

بداية الآيات اﻷولى من سورة البقرة

كيف تجعلين قلبك كله يقين ؟

تأمّلي وتدبّري الآيات اﻷولى من سورة البقرة.


إذا كان عندك يقين وامتلأ قلبك يقين بإذن الله تلقائي ستكونين صابرة 
بكلّ ما يقضي الله عزّ وجل


طبعًا الصّبر بثلاثة أمور ثلاثة أنواع

تصبرين على الطاعة .

تصبرين عن المعصية .

تصبرين على البلاء .


 اصبري على طاعة الله سبحانه وتعالى


اصبري النّاس تتساقط أنتِ اصبري النَاس اﻵن تجدينها كلّ يوم طايحة وحدة 
أنتِ اصبري اثبتي عليك بالصّبر على الطاعة "الأمر اﻷول" .



"الأمر الثّاني" :- الصّبر عن المعصية :

اتركيها، أنا أعرف أنّه ألم على النّفس، أنا أعرف أنّه تعودتي على هذا الشّيء 
لا بأس تحمّلي .


"اﻷمر الثّالث":- الصّبر عند المصائب .

" نسأل الله عزّ وجل أن يفتح لنا "


إذا صبرتي بإذن الله، وأيقن قلبك

أنتِ بإذن الله من أهل اﻷئمة في الدّين



صاحب " الإمامة " هو على جانب عظيم من اﻹيمان  واﻷعمال الصّالحة 
واﻷخلاق الجميلة والشّمائل السّديدة والمحبّة التّامّة والخشية واﻹنابة .


ثمّ يقول الله تعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ )


البيت الذي بناه إبراهيم ( عليه السّلام )

تقبّله الله "سبحانه وتعالى" لأنّ الله ما يتقبّل إلا من "المتّقين "


وكانوا يدّعون هو وابنه إسماعيل :

"ربّنا تقبّل منّا " تقبّل الله "عزّ وجل "
لما تقبّله جعله مثابة للنّاس يعني مرجع للنّاس.


 إذا تقبّل الله لكي عمل لا تعلمين أين سيصل

" نسأل الله عزّ وجل القبول "

" اللهم انا نسألك القبول "

" اللهم إنّا نسألك القبول يا حيّ يا قيوم ".


( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ )

مرجعًا يثوبون إليه لحصول منافعهم الدّينية والدّنيوية

يتردّدون إليه ولا يقضون منه وطرًا ما ينتهون أبدا .


ثمّ ماذا قال دعا : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً  )

مثابة وأمن للنّاس " لا إله الا الله "


يأمن به كلّ أحد حتّى الوحوش تأمّن ، حتّى الجمادات كاﻷشجار.

ولهذا كانوا في الجاهلية على شركهم وكفرهم يحترمونه أشدّ الاحترام

ويجد أحدهم قاتل أبيه في الحرم ' فلا يهيجه '

لا إله إلا الله هذا وهم كافرون ،
كافرين مع ذلك انظروا كيف تعظيمهم للمسجد الحرام؟


فلما جاء اﻹسلام زاده حرمة،  وتعظيما، وتشريفا، وتكريما .



ثمّ يقول الله تعالى : ( وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )


يحتمل أن يكون "أمرين ":

1- أن يكون المقام المعروف الذي هو مقابل لباب الكعبة وأن المراد بهذا ركعتا الطواف ، يستحب أن تكون خلف "مقام إبراهيم " وهذا عليه جمهور المفسرين .

2- ويحتمل أن يكون المقام مفردًا مضافًا فيعمّ جميع "مقامات إبراهيم "
في الحجّ وهي المشاعر كلّها.


إذا " أمرين " :  

1- إمّا ان تكون المقام المعروف وهي " سنة الطّواف ".

2- وإمّا ان تكون كلّ المقامات اللي هي مقامات " إبراهيم " في الحجّ وهي المشاعر كلّها من طواف، وسعي، والوقوف بعرفة ومزدلفة، ورمي الجمار، والنّحر،
وغير ذلك من أفعال الحجّ


فيكون معنى مصلى { معبدًا } أي اقتدوا به في شعائر الحجّ ولعلّ هذا المعنى هو أولى ؛ لدخوله احتمالات ألفاظ كثيرة .



ثمّ يقول الله "عزّ وجل : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ )


البيت الذي بناه إبراهيم ( عليه السّلام ) ونسبته إلى نفسك ؟

 يا الله !

نعم

تعظيمًا لهذا البيت، وتشريفًا، وتكريمًا .


وهذا يدلّ على أنّ العمل الذّي قدمّه " إبراهيم " قدمّه صافيا

قدّمه مخلصا ، قدّمه لله وحده.

فتقبّله الله "عز وجل "


العبرة إن العمل اللي قدمتيه، قدمتيه لمن ؟

وهذا السّؤال دائما اسأليه لنفسك

( أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ )

تطهير البيت من الشّرك، والكفر، والمعاصي، ومن الرّجس، والنّجاسات، واﻷقذار.


 ( لِلطَّائِفِينَ )

أول ما ذكر الطّائفين إحنا نحن نعلم أن البيت خاصّ بماذا ؟ بالطّائفين .


يقول ابن عثيمين : بدأ الله تعالى بالطّائفين؛ ﻷنّ عبادتهم خاصّة بهذا المسجد،
يعني " المسجد الحرام ".

الطّائفين عبادتهم خاصّة بهذا المسجد، ثمّ بالعاكفين ﻷنّ عبادتهم خاصّة بالمساجد لكنّها أعمّ من الطّائفين


وثًلّثَ بالرّكع السّجود ﻷنّ ذلك يصحّ بكلّ مكان في اﻷرض .

فإذا يكون الله" سبحانه وتعالى " بدأ بالأخصّ فاﻷخصّ .



ثمّ يقول الله تعالى بعدها : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ  )


أي وإذ دعا إبراهيم (عليه السّلام )

وهذا يدلّ على عظم الدّعاء، وعظّم شأن الدّعاء .

ومافي أحد يستغني عن " الدّعاء "


إبراهيم ( عليه السّلام ) أعظم الخلق بعد النّبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم )
ومع ذلك لم يترك الدّعاء !


دعا إبراهيم لهذا البيت أن يجعله الله بلدًا آمنًا ويرزق أهله من أنواع الثّمرات،
ثمّ قيد " عليه السّلام " هذا الدّعاء للمؤمنين تأدبًّا مع الله تعالى .

إذ كان دعاؤه اﻷول فيه * اﻹطلاق * فجاء الجواب فيه * مقيد * بغير الظّالم


فلما دعا لهم " بالرّزق " وقيده " بالمؤمن "

وكان رزق الله " شامل " للمؤمن والكافر ، والعاصي والطّائع .


قال تعالى : ( وَمَن كَفَرَ ) أي اُرزقهم كلّهم مسلمهم وكافرهم


أمّا المسلم  فيستعين بالرّزق على عبادة الله تعالى، ثمّ ينتقل منه إلى نعيم الجنّة .


" اللهم اجعلنا منهم يا ذا الجلال واﻹكرام


وأما الكافر فيتمتع فيها قليلا : ( ثُمَّ أَضْطَرُّهُ )

مامعنى كلمة اضطره ؟

أُلجأُه وأخرجُه مكرها إلى عذاب النّار وبئس المصير.


" أعاذنا الله وإيّاكم منها ". 



  
     سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .




ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق