الوجه
السابع عشر من سورة البقرة
يقول تعالى ( وَقَالَتِ
الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ
الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ )
نحن مازلنا في أمانيّ أهل
الكتاب الباطلة وتناقضاتهم وتعاديهم
ولازالت الآيات الكريمات
تكشف ضلالات أهل الكتاب ومزاعمهم الباطلة وتفنّد أقوالهم لتحذّر المؤمنين منهم ومن
التّشبّه بهم
وذلك أنّه بلغ بأهل
الكتاب الهوى والحسد إلى أن بعضهم ضلّل بعضًا وكفر بعضهم بعضًا كما فعل الأميّون من
مشركيّ العرب وغيرهم
فكلّ فرقة تضلّل الفرقة
الأخرى ويحكم الله في الآخرة بين المختلفين بحكمه العدل سبحانه الذّي أخبر به عباده
فإنّه لا فوز ولا نجاة إلا لمن صدّق جميع الأنبياء والمرسلين وامتثل أوامر ربّه واجتنب
نواهيه ومن عداهم فهو هالك
يدلّلنا على أنّ
دينهم باطل وأنّهم ليسوا على أساس بدليل
( وَقَالَتِ
الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ
الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ )
لكن نحن
نتألّم ونحزن أن نكون نحن وقعنا في مثل ماوقعوا فيه اليهود والنّصارى
الآن ولا حول ولا قوّة إلا
بالله بعض المناهج يقول لك أنت منهجك كذا، أنت منهجك كذا ويضلّل بعضهم بعضًا
ولا حول ولا قوّة إلا
بالله بعض الأحيان يعني طلّاب علم يتجرّأ على أخيه طالب العلم الآخر ونحن نعرف أنّ
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ماذا قال؟
قال: ( المجتهد إذا اجتهد وأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر )
قال: ( المجتهد إذا اجتهد وأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر )
لكن مانراه في
وسائل التّواصل الآن يتهجّمون على بعض وهذا يدل على حصول الفتن وأنّنا نحن في فتن فلا
تخوضين في مثل هذا !
لأنّك إذا دافعتي عن هذا وقعت في غيبة أخيك الآخر فاتركي هذه الأقوال
ولا تتناقلينها ولا تنشرينها في المجالس ولا تسمعين لها
لأنّك إذا دافعتي عن هذا وقعت في غيبة أخيك الآخر فاتركي هذه الأقوال
ولا تتناقلينها ولا تنشرينها في المجالس ولا تسمعين لها
هذه من الفتن
وسبقوهم بهذا من؟ اليهود والنّصارى
( وَقَالَتِ
الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ
الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ )
الآن يقولك هؤلاء
سلفية هؤلاء جاميّة هؤلاء إخوانية وكلّ يتجرّأ على الآخر وكلّ
يتكلّم على الآخر وكلّ يسب الآخر وهم مسلمين يشهدون بأنّ لا إله إلا الله فنحن نخشى أن نقع في مثل هذا فالسّكوت ، السّلامة ، السّلامة لا يعدلها شيء يقولها الإمام أحمد : السّلامة لا يعدلها شيء
يتكلّم على الآخر وكلّ يسب الآخر وهم مسلمين يشهدون بأنّ لا إله إلا الله فنحن نخشى أن نقع في مثل هذا فالسّكوت ، السّلامة ، السّلامة لا يعدلها شيء يقولها الإمام أحمد : السّلامة لا يعدلها شيء
فاحذري أن تتكلمي احذري
أن تتكلمي ! .
( وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي
خَرَابِهَا ۚ )
الآن الذي يقع التّفجير في
المساجد شيء مؤلم فنحن نخشى أن يدخلون تحت هذه الآية .
( وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ
فِي خَرَابِهَا ۚ)
أي : لا أحد أظلم ولا أشد
جرماً ممن منع مساجد الله عن ذكر الله فيها وإقامة الصّلاة وغيرها من أنواع الطّاعات
وسعى أي : اجتهد وبذل وسعه وطاقته في خرابها سواء كان الخراب الحسّي أو الخراب
المعنوي .
فالخراب الحسّي :
هدمها ، تخريبها ، تقديرها التّفجير فيها .
الخراب المعنوي منع
الذّاكرين لاسم الله فيها
وهذا عامٌ لكلّ من اتصّف
بهذه الصّفة فيدخل في ذلك أصحاب الفيل، قريش .
وأي أحد يصدّ عن المسجد يدخل في ذلك. حين صدّوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام الحديبية والنّصارى حين أخربوا بيت المقدس وغيرهم من أنواع الظّلمة السّاعين في خرابها - ابن سعدي يقول ذلك
وأي أحد يصدّ عن المسجد يدخل في ذلك. حين صدّوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام الحديبية والنّصارى حين أخربوا بيت المقدس وغيرهم من أنواع الظّلمة السّاعين في خرابها - ابن سعدي يقول ذلك
محاداة لله ومشاقة فجازهم
الله بأن منعهم دخولها شرعاً وقدراً إلا خائفين ذليلين ، فلما أخافوا عباد الله
أخافهم الله عزّ وجل فالمشركين الذّين صدّوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يلبث
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا يسير حتى أذن الله عزّ وجل له بفتح مكة ومنع
المشركين من قربان بيته، فقال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ
بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )
بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )
وأصحاب الفيل قد ذكر الله
عزّ وجل ما جرى عليهم والنّصارى سلّط الله عليهم المؤمنين فأجلوهم عنه
وهكذ كل من اتصّف بوصفهم
فلا بدّ أن ينال قسطه في الدّنيا وهذه من الآيات العظيمة أخبر بها الباري قبل وقوعها
فوقعت كما أخبر سبحانه جلّ وعلا
واستدل العلماء بالآية
الكريمة على أنّه لا يجوز تمكين الكفار من دخول المساجد
ثمّ يقول : (
وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
لهم خزيٌ في الدّنيا
فضيحة كما تقدم وكذلك في الآخرة وإذا كان لا أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها
اسمه فلا أعظم إيماناً ممن سعى في عمارة المسجد بالعمارة الحسيّة والمعنوية، كما قال
تعالى :
( إِنَّمَا يَعْمُر
مَسَاجِد اللَّه مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر )
بل قد أمر الله
تعالى برفع بيوته وتعظيمها وتكريمها فقال :
( فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ )
وللمساجد أحكام يرجع
حاصلها إلى مضمون الآيات
( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ
وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ
وَالْمَغْرِبُ )
وخصّهما بالذّكر أي : خصّ
المشرق وخصّ المغرب لأنها محل الآيات العظيمة
فهما مطالع الأنوار ومغالبها فإذا كان مالكًا لها سبحانه جلّ وعلا
فهو مالك لجميع الجهات
فهما مطالع الأنوار ومغالبها فإذا كان مالكًا لها سبحانه جلّ وعلا
فهو مالك لجميع الجهات
لذلك خصّ هذين فقط
المشرق والمغرب لأنّهما أكبر الآيات وأعظم الجهات
( فَأَيْنَمَا
تُوَلُّواْ )
يعني وجوهكم أينما تولوا
من الجهات إذا كان توليكم إيّاها بأمره، إما أن يأمركم باستقبال الكعبة بعد أن
كنتم مأمورين باستقبال بيت المقدس، أو تؤمرون بالصّلاة في السّفر على الرّاحلة
ونحوها .
فإنّ القبلة حيثما توجّه العبد أو اشتبهت عليه القبلة فيتحرّى الصّلاة فيها ثمّ يتبيّن له الخطأ او
يكون معذورًا بصلب أو مرض أو نحو ذلك فهذه الأمور إمّا أن يكون العبد فيها معذورًا أو مأمورًا وبكلّ الحالات أي جهة تستقبلينها خارجة عن ملك ربه
( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
فيه إثبات الوجه لله
تعالى على الوجه اللائق به تعالى به وأنّ لله وجهًا لا تشبه الوجوه وهو تعالى واسع
الفضل والصّفات عظيمها عليمٌ بسرائركم ونياتكم فمن سعته وعلمه وسع لكم الأمر وقبل
منكم المأمور فله الحمد سبحانه والشّكر
ثمّ يقول تعالى
( وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا )
أي : اليهود
والنّصارى والمشركون وكلّ من قال ذلك
اتّخذ الله ولداً فنسبوه
الى مالايليق بجلاله وأساؤوا كل الإساءة وظلموا أنفسهم
والله تعالى صابرٌ على
ذلك منهم قد حلم عليهم وعافاهم ورزقهم من تنقّصهم إيّاه سبحانه جلّ وعلا
أي : تنزّه سبحانه تنزّه
وتقدّس عن كلّ ماوصف به المشركون الظّالمون ممّا لايليق بجلاله فسبحان من له
الكمال المطلق من جميع الوجوه الذّي لايعتريه نقص بوجه من الوجوه
( بَل لَّهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )
وهذا ردّ حجّة برهان على
تنزيهه جميع ملكه وعبيده يتصرّف فيهما تصرّف المالك بالمماليك وهم قانتون
له مسخرّون تحت تدبيره فإذا كانوا كلّهم عبيده
مفتقرين إليه وهو غني
عنهم فكيف يكون منهم أحد يكون له ولداً فالولد لابدّ أن يكون من جنس والده لأنّه جزء
منه
والله تعالى المالك
القادر وأنتم المملوكون المقهورون وهو الغنيّ وأنتم الفقراء فكيف يكون له ولد
؟!
ثمّ يقول تعالى ( كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ )
القنوت نوعان :
قنوت عام وهو قنوت الخلق كلّهم تحت تدبير الخالق
وخاصّ وهو قنوت العبادة
فالنوع الأول كما ذكر في الآية والنّوع الثّاني كما في قوله ( وقوموا لله قانتين )
ثمّ يقول الله تعالى (
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )
خالقهما على وجه قد
أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سابق
لم يسبق أحد الله عزّ وجل
في هذا
( وَإِذَا قَضَى
أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون )
فلا يستعصي عليه ولا يمتنع
منه
ثمّ يقول الله تعالى بعدها
( وَقَالَ الَّذِينَ لاَ
يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم )
لهم ناس قبلهم قالوا مثل
هذا الكلام
( مِّثْلَ
قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
)
أي قالوا الجهلة آيات الاقتراح التّي يقترحونها بعقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة التّي تجرؤوا
بها على الخالق مثل قولهم
( لن نؤمن لك حتى
نرى الله جهرة )
( يسألك أهل الكتاب أن
تنزل عليهم كتاباً من السّماء فقد سألوا موسى
أكبر من ذلك )
أكبر من ذلك )
( لولا أنزل إليه ملك
فيكون معه نذيرًا أو يُلقى إليه كنزٌ أو تكونُ له جنّة )
( وقالوا لن نؤمن لك حتى
تفجر لنا من الأرض ينبوعًا )
هذا سوابقهم هذا
كلامهم فهذا دأبهم مع رسلهم
يطلبون آيات التعنّت لا
آيات الاسترشاد
وهذا من الحماقة ومن
الزّندقة
ولم يكن قصدهم
تبيين الحقّ
في بعض النّاس الآن
عندما تأتين لها ببعض الأوامر أو بعض النّواهي من الله عزّ وجل تناقش
وكأنّها لاتريد الاسترشاد وإنّما تعنّت ولم يكن قصدهم تبيين الحقّ
فإنّ الرّسل قد جاؤوا
من الآيات بما يؤمن على مثله البشر ولهذا قال تعالى
( قَدْ بَيَّنَّا
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )
وضحنا الآيات لكن وضحناها
لفئة معينة من هم يارب ؟
الذين يريدون
الإيقان
لأهل الإيمان لأهل القلوب
النّظيفة لأهل القلوب الصّافية لأهل الفطرة
فكلّ موقن فقد عرف من آيات
الله الباهرة وبراهينه الظّاهرة
تجدينا في بعض
الأحيان نختلف
قلوبنا تختلف
بعض النّاس ماشاء الله
تجدينها دائماً تتأمّل في مخلوقات الله
في عظمة الله بقدرة الله
عزّ وجل
وبعض القلوب قاسية
ميتة ترى الآيات تلو الآيات ولا يتحرك لها قلباً تجد الآيات ولا يتغير فيها شيء
ثمّ يقول الله تعالى
بعدها
( إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ
الْجَحِيمِ )
فهذا مشتمل على الآيات التّي جاء بها وهي ترجع
إلى ثلاثة أمور :
الأمر الأول وهو
نفس إرساله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قد علم حالة أهل الأرض قبل بعثته صلّى الله عليه
وسلّم وما كانوا عليه من عبادة الأوثان والنّيران والصّلبان وتبديلهم للأديان حتّى
كانوا في ظلمة من الكفر قد عمّتهم وشملتهم إلا بقايا من أهل الكتاب قد انقرضوا قبيل
البعثة،
وقد علم أنّ الله تعالى لم يخلق خلقه سدى ولم يتركهم هملاً لأنّه حكيمٌ عليمٌ قديرٌ رحيم فمن حكمته ورحمته بعباده أن أرسل إليهم هذا الرّسول العظيم يأمرهم بعبادة الرّحمن وحده لا شريك له فبمجرد رسالته يعرف العاقل صدقة وهو آية كبيرة على أنّه رسول الله
وقد علم أنّ الله تعالى لم يخلق خلقه سدى ولم يتركهم هملاً لأنّه حكيمٌ عليمٌ قديرٌ رحيم فمن حكمته ورحمته بعباده أن أرسل إليهم هذا الرّسول العظيم يأمرهم بعبادة الرّحمن وحده لا شريك له فبمجرد رسالته يعرف العاقل صدقة وهو آية كبيرة على أنّه رسول الله
أما الثّاني : فمن عرف النّبي صلّى الله عليه وسلّم معرفةً تامّة وعرف سيرته وهديه قبل البعثة، ثمّ من بعد ذلك قد ازدادت مكارمه وأخلاقه العظيمة الباهرة للنّظارين فمن عرفها وسبر أحواله عرف أنّها لا تكون إلا أخلاق الأنبياء الكاملين لأنّ الله تعالى جعل الأوصاف أكبر دليل على معرفة أصحابها وصدقهم وكذبهم
أمّا الثّالث : فهو معرفة ما جاء به صلّى الله عليه وسلّم من الشّرع العظيم والقرآن الكريم المشتمل على الإخبارات الصّادقة والأوامر الحسنة والنّهي عن كلّ قبيح والمعجزات الباهرة فجميع الآيات تدخل في هذه الثّلاثة
قوله ( بشيراً ) لمن أطاعك بالسّعادة الدّنيوية والأخروية
( نذيراً ) لمن عصاك بالشّقاوة
والهلاك الدّنيوي والأخروي
(ولا تسئل عن أصحاب
الجحيم )
أي لست مسؤولا عنهم إنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب
أي لست مسؤولا عنهم إنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت
نستغفرك ونتوب إليك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق