الوجه السابع عشر من سورة الأعراف
( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ
الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ
قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ
إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)
{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ }
بعد ما أنجاهم الله عزوجل من عدوهم فرعون وقومه ، وأهلكهم الله ، وبنو
إسرائيل ينظرون ، وهذه نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى أن بني إسرائيل ينظرون من
عذبهم وهم يموتون ، حتى ينقطع كل الخوف الذي في قلوبهم مما أصابهم من فرعون وقومه
.
{ فَأَتَوْا } أي مروا .
{ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } أي يقيمون
عندها ويتبركون بها ويعبدونها ،
ف { قَالُوا } من جهلهم وسفههم لنببهم موسى بعدما أراهم الله من
الآيات ما أراهم :
{ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ } أي
أشرع لنا أن نتخذ أصناما ألهة كما اتخذها هؤلاء
ف { قَالَ } : لهم موسى .
{ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } وأي جهل أعظم من جهل من جهل ربه
وخالقه ولم يعرفه، وأراد أن يسوي به غيره ، ممن لايملك نفعا ولاضرا ، ولا موتا
ولاحياة ولانشورا ؟!
ولهذا قال لهم موسى :
ولهذا قال لهم موسى :
{ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ }
لأن دعاءهم إياها باطل ، وهي باطلة بنفسها ، فالعمل باطل وغايته باطلة ، فالقصد منه اساسا والهدف باطل لذلك يبقى العمل باطل .
لأن دعاءهم إياها باطل ، وهي باطلة بنفسها ، فالعمل باطل وغايته باطلة ، فالقصد منه اساسا والهدف باطل لذلك يبقى العمل باطل .
( قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ
فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِين َ)(140)
{ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا } أي أأطلب لكم
إلها غير الله المألوه الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله !
{ وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } فيقتضي أن تقابلوا
فضله وتفضيله بالشكر ، وذلك بإفراده وحده بالعبادة ، والكفر بما يدعي من دونه .
ثم ذكرهم بما امتن الله به عليهم فقال :
( وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذَابِ ۖ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ
وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ )(141)
{ وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } أي من فرعون وآله
{ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۖ } يوجهون إليكم من العذاب
أسوأه ، هو أنهم كانوا :
{ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي
ذَٰلِكُم } النجاة من عذابهم والبلاء يكون على نوعان :
فقد يكون البلاء بلاء ضر وقد يكون بلاء خير .
فقد يكون البلاء بلاء ضر وقد يكون بلاء خير .
{ بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } نعمة جليلة ، ومنحة جزيلة
في ذلك العذاب الصادر مننم لكم بلاء من ربكم عليكم عظيم ، فلما ذكرهم موسى ووعظهم
انتهوا عن ذلك .
( وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا
بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ
وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (142)
وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (142)
لما أتم الله سبحانه وتعالى نعمته عليهم بالنجاة من عدوهم ،
وتمكينهم في الأرض ، أراد تبارك وتعالى أن تتم نعمته عليهم ، بإنزال الكتاب الذي
فيه الأحكام الشرعية ، والعقائد المرضية ، فواعد موسى ثلاثون ليلة ، وأتمها بعشر ،
فصارت أربعين ليلة ، ليستعد موسى ، ويتهيأ لوعد الله عزوجل ، ويكون لنزولها موقع
كبير لديهم ، وتشوق إلى إنزالها .
ولما ذهب موسى إلى ميقات ربه قال لهارون موصيا له على بني إسرائيل من حرصه عليهم
وشفقته :
{ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي }
أي كن خليفتي فيهم ، واعمل فيهم بماكنت أعمل ،
أي كن خليفتي فيهم ، واعمل فيهم بماكنت أعمل ،
{ وَأَصْلِحْ } : اتبع طريق الصلاح
{ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } : وهم الذين يعملون
بالمعاصي .
( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ
قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ
إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا
تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا
أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُؤْمِنِينَ ) (143)
{ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا } الذي وقتنا له لإنزال
الكتاب .
{ وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } بما كلمه من وحيه وأمره ونهيه ، تشوق إلى
رؤية الله ، ونزعت نفسه لذالك ، حبا لربه وموده لرؤيته .
ف { قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ } : الله
{ لَن تَرَانِي } أي إنك لن تقدر على رؤيتي ، فإن الله تبارك وتعالى
أنشأ الخلق في هذه الدار على نشأة لا يقدرون بها ، ولا يثبتون لرؤية الله ،
وليس في هذا دليل على أنهم لايرونه في الجنة ،
فإنه قد دلت النصوص القرآنيه والأحاديث النبوية على أن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى ، ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم ، وأنه ينشئهم نشأة كاملة ، ويقدرون معها على رؤية الله تعالى ،
ولهذا رتب الله الرؤية في هذه الآية على ثبوت الجبل ، فقال مقنعا موسى في عدم إجابته للرؤية :
وليس في هذا دليل على أنهم لايرونه في الجنة ،
فإنه قد دلت النصوص القرآنيه والأحاديث النبوية على أن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى ، ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم ، وأنه ينشئهم نشأة كاملة ، ويقدرون معها على رؤية الله تعالى ،
ولهذا رتب الله الرؤية في هذه الآية على ثبوت الجبل ، فقال مقنعا موسى في عدم إجابته للرؤية :
{ وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَه } إذا
تجلى الله له
ُ { فَسَوْفَ تَرَانِي } حتى يقتنع موسى ويجزم إنه لايستطيع رؤية ربه
، فهذا من رحمه الله ولطفه وكرمه وجوده وفضله وإحسانه ، لم يقل لم تراني وترك موسى
بل قال لم تراني وانظر إلى الجبل أعظم مخلوقات الله فإن استقر فسوف تراني
حتى لايكون في نفس موسى تعلق.
حتى لايكون في نفس موسى تعلق.
{ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ } الأصم الغليظ .
{ جَعَلَهُ دَكًّا } انهال مثل الرمل ، انزعاجا من رؤية
الله وعدم ثبوته لها ،
{ وَخَرَّ مُوسَىٰ } حين رأى ما رأى .
{ صَعِقًا } فتبين له حينئذ أنه إذا لم يثبت الجبل لرؤية الله ،
فموسى أولى أن لايثبت لذلك ،
واستغفر ربه لما صدر منه من السؤال الذي لم يوافق موضعا ولذلك :
{ قَالَ سُبْحَانَكَ } تنزيها لك ، وتعظيما عما لايليق بجلالك .
{ تُبْتُ إِلَيْكَ } من جميع الذنوب وسوء الأدب معك .
{ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } جدد موسى عليه الصلاة والسلام
إيمانه ، بما كمل الله له مما كان يجهله قبل ذلك ، فلما منعه الله من رؤيته ، بعد
ماكان متشوقا لها ، أعطاه خيرا كثيرا .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
سبحانك اللهم وبحمده أشهد أن لا إله الا الله أستغفرك وأتوب اليه.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق