الثلاثاء، يناير 17، 2017

تفريغ سورة الأعراف من آية 144 إلى آية 149




بسم الله الرحمن الرحيم


الوجه الثامن عشر من سورة الأعراف 

قال الله عز وجل :

 (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ 144 ( 


بعد ما منع الله موسى عليه السلام من رؤيته عز وجل 
اعطاه الله خير اًكثيراً فقال:
{يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ }
 أي: اخترتك واجتبيتك وفضلتك وخصصتك بفضائل عظيمة 
.ومناقب جليلة

 :{بِرِسَالَاتِي }
. التي لا أجعلها ولا أخص بها إلا أفضل الخلق
{وَبِكَلَامِي }
 إياك من غير واسطة وهذه فضيلة ، اختص بها موسى  
.الكليم، وعرف بها من بين إخوانه من المرسلين
{فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ }
من النعم، وخذ ما آتيتك من الأمر والنهي، بانشراح صدر وتلقه بالقبول والانقياد
{وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
.لله عز وجل ، على ما خصك وفضلك






( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)


{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } 
يحتاج إليه العباد 
{وَمَوْعِظَةً }
.ترغب النفوس في أفعال الخير، وترهبهم من أفعال الشر
{وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ } 
.من الأحكام الشرعية، والعقائد، والأخلاق، والآداب
{فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } 
.أي: بجد واجتهاد على إقامتها
{وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا } 
.وهي الأوامر الواجبة والمستحبة، فإنها أحسنها
وفي هذا دليل على أن أوامر اللّه - في كل شريعة - كاملة، عادلة، حسنة.
{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ } 
بعد ما أهلكهم اللّه، وأبقى ديارهم عبرة بعدهم، يعتبر بها المؤمنون الموفقون المتواضعون


(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ )146 



وأما غيرهم, فقال عنهم: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ } أي عن الاعتبار في آيات الأفقية، والنفسية، والفهم لآيات الكتاب 

{الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} 
أي: يتكبرون على عباد اللّه, وعلى الحق، وعلى من جاء به
فمن كان بهذه الصفة، حرمه اللّه خيرا كثيرا وخذله، ولم يفقه من آيات اللّه ما ينتفع به،
بل ربما انقلبت عليه الحقائق، واستحسن القبيح.

{وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا }
.لإعراضهم، واعتراضهم، ومحادتهم للّه ورسوله
{وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ }
 أي: الهدى والاستقامة، وهو الصراط
. الموصل إلى اللّه وإلى دار كرامته
{لَا يَتَّخِذُوهُ } أي: لا يسلكوه ولا يرغبوا فيه {سَبِيلًا }
 وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ } أي: الغواية الموصل لصاحبه إلى
. دار الشقاء
 {يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا }
والسبب في انحرافهم هذا الانحراف : 
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}
فردهم لآيات اللّه، وغفلتهم عما يراد بها،واحتقارهم لها -
 هو الذي أوجب لهم من سلوك طريق الغي، وترك طريق الرشد ما أوجب.




(وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )147
{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } 
.العظيمة الدالة على صحة ما أرسلنا به رسلنا
{وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } 
لأنها على غير أساس، وقد فقد شرطها وهو الإيمان بآيات اللّه . والتصديق بجزائه
{هَلْ يُجْزَوْنَ } 
.في بطلان أعمالهم، وحصول ضد مقصودهم
 {إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
 فإن أعمال من لا يؤمن باليوم الآخر، لا يرجو فيها ثوابا، وليس لها غاية تنتهي إليها ، فلذلك اضمحلت وبطلت


ثم يقول عز وجل:
(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ)148

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا }
 صاغه السامري وألقى عليه قبضة من أثر الرسول فصار " لَهُ خُوَارٌ " وصوت فعبدوه، واتخذوه إلها
{فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى }
.فنسى موسى، وذهب يطلبه
وهذا من سفههم، وقلة بصيرتهم كيف اشتبه عليهم،
 رب الأرض والسماوات بعجل من أنقص المخلوقات؟!!
 ولهذا قال - مبينا أنه ليس فيه من الصفات الذاتية، ولا الفعلية،
ما يوجب أن يكون إلها.
{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ } 
أي: وعدم الكلام نقص عظيم، فهم أكمل حالة من هذا الحيوان أو الجماد الذي لا يتكلم
{وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا } 
أي: لا يدلهم طريقا دينيا، ولا يحصل لهم مصلحة دنيوية
لأن من المتقرر في العقول والفطر، أن اتخاذ إله لا يتكلم،
 ولا ينفع ولا يضر من أبطل الباطل، وأسمج السفه،
 ولهذا قال: {اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ }:
كانوا ظالمين حينما اتخذوا العجل اله ، حيث وضعوا العبادة في غير موضعها، وأشركوا باللّه ما لم ينزل به سلطانا.

وفيها دليل على أن من أنكر كلام اللّه،
 فقد أنكر خصائص إلهية اللّه تعالى.
لأن اللّه ذكر أن عدم الكلام، دليل على عدم صلاحية الذي لا يتكلم للآلة.


)
وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)149
{وَلَمَّا }
 رجع موسى إلى قومه فوجدهم على هذه الحال، وأخبرهم بضلالهم ندموا {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ } أي: من الهم والندم على فعلهم.
{وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا } 
فتنصلوا، إلى اللّه وتضرعوا
{قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا }
 فيدلنا عليه ويرزقنا عبادته ويوفقنا لصالح الأعمال. 
{وَيَغْفِرْ لَنَا } 
ما صدر منا من عبادة العجل
 {لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } 
الذين خسروا الدنيا والآخرة


وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

سبحانك اللهم وبحمده أشهد أن لا إله الا الله أستغفرك وأتوب اليه.

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق