الثلاثاء، سبتمبر 15، 2015

تفريغ سورة البقرة من آيه 25 إلى آيه 29


 

بسم الله الرحمن الرحيم   
الوجه الرّابع من سورة البقرة

 
 ( وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )


طريقة القرآن دائمًا لما يذكر صنف يذكر الصّنف الذّي بعده ؛
فلمّا ذكر جزاء الكافرين ذكر جزاء المؤمنين لما ذكر الله عزّ وجل ما أعدّه لأعدائه الكافرين من العذاب والنّكال ؛
عطف بذكر حال أوليائه المؤمنين الذّين آمنوا بما يجب الإيمان به من ما أخبر الله عزّ وجل به ورسوله وصدّقوا إيمانهم بأعمالهم الصّالحات فهؤلاء لهم البشرى 
يقول الله تعالى وبشر الذين آمنوا ،
 آمنوا ونعرف أنّ الإيمان بالقلب هذا عمل قلبي وعملوا الصّالحات هذا عمل الجوارح 


نلاحظ دائماً أنّ الله سبحانه وتعالى يُثني على المؤمنين يمدح المؤمنين دائمًا ،
يثني عليهم بأنّهم آمنوا وعملوا الصّالحات ،
إذاً المطلوب منّا العمل القلبي وعمل الجوارح كذلك
 عندما يقولون أنّ الإيمان بالقلب فقط يكفي لا وأيضًا عندما يقولون أنّ الأعمال الصّالحة فقط لا ، كلاهما مهمين
 بشّر الله هؤلاء أصحاب القلوب الطّاهرة البيضاء من كلّ شيء
 سواء كان من الشّرك أو من القلب السّليم سواء يكون نظيفًا من الشّرك
أو من الحقد والحسد والأمراض المعروفة التّي نعرفها

إذًا الأمراض تختلف :
أمراض قلبية بينك وبين الله سبحانه وتعالى : تخافين غير الله ، وترجين غير الله ، وتشكرين غير الله ، وتسألين من غير الله ، وتطلبين غير الله وتستعيذين بغير الله هذا القلب معناه متعلّق بغير الله
وأمراض بينك وبين الخلق : مثل الحقد والحسد والبغض والكراهية 


( وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ  )

 متعلقين بالله قلوبهم سليمة لله سبحانه وتعالى : عملوا الصّالحات عملوا بجوارحهم ماذا لهم يارب ؟   
( أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ )


لما ذكر الله سبحانه وتعالى ما أجمل وألذّ للإنسان من أن يرى الفاكهة وأن يعرف مذاقها وأن يتلذّذ بمذاقها ،
 ذكر الله عزّ وجل مسكنهم أقواتهم من الطّعام والشّراب والفواكه ذكر أزواجهن فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه فهن مطهّرات من أيّ عيب ؛ بمعنى أنّه لم يقتصر على عيب معيّن بل قال من أيّ عيب ،
وقال الله سبحانه وتعالى :

( كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ )

 يقول العلماء أنّه قد يكون لونه واحد بمعنى أنّ لون الفاكهة واحد وطعمها يختلف وقد يكون الطّعم كلّه لذيذ يقصدون أنّه أمس أكلنا لذيذ واليوم أكلنا لذيذ فلذلك يقولون 
( قالوا هذا الذّي رزقنا من قبل )

 هل بالفعل متشابهة نفس الطعم ؟ 

لا وإنّما أغلب العلماء يقولون لا ،
قد تكون فقط يعني أنّ المؤمنين يقصدون أنّه لذيذ
بمعنى أنّه لايوجد طعم اليوم لذيذ وغدًا وسط ؛
لا كلّه لذيذ لذلك يقولون هذا الذّي رزقنا من قبل 

( وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا ) 

سبحان الله يقول العلماء أن فقط الفاكهة تشبه أسماء الدّنيا ، التّفاح يوجد في الجنّة تفاح الرّمان يوجد بالجنّة رمّان لكنّ الطّعم يختلف تمامًا

( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ )

من كلّ عيب 

( وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )


قال الله سبحانه وتعالى بعدها :  ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ )



 اختلف العلماء في سبب نزول هذه الآية فيقول أنّه سبحانه لما ضرب هذين المثلين للمنافقين 
المثل النّاري : مثلهم كمثل الذّي استوقد نارًا
والمثل المائي : أو كصيّبٍ من السّماء
 قال المنافقون الله أعلى وأجلّ أن يضرب هذه الأمثال

فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية : 
 ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا )
هذا قاله ابن كثير
 والقرطبي قال : لما ذكر الله سبحانه آلهة المشركين فقال : 
( وإن يسلبهم الذّباب شيئاً لا يستنقذوه منه )
وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت قالوا أرأيت حيث ذكر الله الذّباب والعنكبوت فيما أنزل الله من القرآن على محمّد أي شيء يصنع

 فأنزل الله هذه الآية : 
( إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها )
 يقول الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ )

هذه الأمثلة ياربّ ماذا تفعل للمؤمنين ماذا تفعل بالصّالحين ؟ هناك فرق بين المؤمنين وفرق بين الكافرين ردّة فعل هؤلاء تختلف تمامًا عن ردّة فعل هؤلاء دعونا نرى الآية ماذا تقول 

( الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ) 

ارجعي لبداية السّورة لـ ( لاريب فيه ) هم أصلاً ليس لديهم شكّ عندهم يقين بأنّ كلّ ما يقوله الله سبحانه وتعالى حقيقة فسوف يصدقونه مباشرة فيعلمون أنّه الحقّ من ربّهم ويزيدهم إيمانًا هؤلاء من هم ؟ هؤلاء المؤمنين 

 والذّين كفروا ما هو موقفهم ؟ وأمّا الذّين كفروا أصلاً قلوبهم متردّدة عندهم حيرة وشك 
( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً  )


نحن الآن نريد نعرف السّبب لماذا المؤمنين يزدادون إيمانًا والكافرين يزدادون ريبًا إلى ريبهم وحيرةً إلى حيرتهم ؟
فالمؤمنين لأن الإيمان أساسًا واليقين قوي لديهم ليس لديهم ريب أو شكّ
أما الكافرين يقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً لأنّ أساسًا لديهم شكّ
فالله سبحانه وتعالى يزيدهم شكّاً إلى شكّهم
 فهم للأسف يتخبّطون ويتحيرون

( مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا )
من يضلّ ؟ يضلّ المنافقين يضلّ الكافرين يزيد ضلالتهم
يعني أصلاً القلوب فيها مافيها عشان كذا يزيد
تكلمنا  دائمًا أنّ الذّنب يجرّ الذّنب والطّاعة تجرّ الطّاعة
هؤلاء لأنّ قلوبهم مريضة أصلاً جرّتهم إلى ضلالٍ أكثر
( وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا )
 من هؤلاء ؟ هؤلاء هم أهل اليقين أهل الهدى ويهدي به كثيرًا
 طيب ياربّ من يضلّ ؟

( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ )
الخارجين أصلاً عن الدّين الخارجين عن الملّة

 فالفسق نوعان :
نوعٌ مخرجٌ من الدّين : وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان والذّي هو المقصود في هذه الآية
نوعٌ غير مخرج من الدّين : مثل قول الله عزّ وجل في سورة الحجرات
 ( يا أيّها الذّين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا )
هذا الفسق المقصود في الآية هذه هو غير مخرجٌ عن الملّة.
ماهي صفات هؤلاء الفاسقين ؟
أعطانا الله بعض صفاتهم حتّى يتّضح لنا ونبتعد عنهم

هذه أول صفة لهم  ( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ )
وهذا يعمّ العهد الذّي بينهم وبين الله سبحانه والذّي بينهم وبين عباده
فبينك وبين الله سبحانه وتعالى عهد لا تنقضيه ،
و بينك وبين المسلمين عهد لاتنقضيه ،
حتّى لا تدخلين تحت هذه  الآية   
أيّ عهد سواء كان عهد شراء ، عهد كلام ، عهد عمل ، أيّ ميثاق بينك وبينه
طبعاً أشدّ المواثيق ميثاق الزوجية 
أيّ ميثاق بينك وبين الشّخص الآخر انتبهي تنقضينه
من العهود التّي كون بينك وبين الله عزّ وجل  :
( إيّاك نعبد وإيّاك نستعين )

الصّفة الثّانية : ( وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ )
 مثل الأرحام ، أي شيء لا تقطعينه والله عزّ وجل أمر أن تصليه وقيسي على هذا
أعظم شي واحتمال هو المقصود في الآية : وصل الأرحام
 يدخل في الآية أشياء كثيرة فإنّ الله عزّ وجل أمرنا أن نصل ما بيننا وبينه بالإيمان به والقيام بعبوديته أول شي نصل بيننا وبين الله سبحانه هذه أعظم صلة القيام بعبوديته
وما بيننا وبين رسوله ، بالإيمان به وتعزيره والقيام بحقوقه
ومابيننا وبين الوالدين والأقارب والأصحاب وسائر الخلق بالقيام بتلك الحقوق التّي أمر الله أن نصلها

الصّفة الثّالثة : ( وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ )
قيسي على هذا أيّ فساد ، النّميمة فساد ، الغيبة فساد ، الحسد فساد والحقد فساد ، الكذب فساد ، والغشّ فساد ، رمي القمامة على الخلق فساد ، إيذاء الخلق بأي نوع من أنواع الإيذاء فساد.
  
الآيات تخاطبنا  الآيات تربينا
وحدة جاية تشتكي زوجها عند أختها وعند قريبتها أو صديقتها ، ثمّ تزيدها تقول : لا افعلي فيه وافعلي فيه هذا فساد
 تشتكي لأمها تقول افعلي فيه اتركيه هذا فساد
 تشتكي أختها تشتكي صديقتها ثمّ تزيدها غيظًا وكمدًا هذا فساد
انتبهي كوني مباركة كوني مثل المطر كالغيث كلّما حلّ نفع

( أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
خاسرون أيّ خسارة ؟ خاسرون في الدّنيا والآخرة خسارة عظيمة
 فحصر الخسارة فيهم لأنّ خسرانهم عام في كلّ أحوالهم ليس لهم نوعًا من الرّبح
  نشتكي من ذنوبنا نشتكي من أولادنا مانقدر نربّيهم بيتنا مانعرف نرتّبه ماعرفنا نسوي أعمالنا متلخبطين ماعرفنا تكون علاقتنا بيننا وبين النّاس جيدة ، ارجعي لنفسك ارجعي لذنوبك ذنوبنا مهلكة ذنوبنا هي التّي أهلكتنا
( وما ربّك بظلّام للعبيد )
  قد تكون خسارة مالية قد تكونين تنجبين أبناء
لكن ماينفعونك ، هؤلاء الأبناء تعملين عملك ما ينفع تاخذين علاج ماينفعك ليش ؟ بسبب ذنوبك هذه الذّنوب التّي عددناها 
1- الذّين ينقضون عهد من بعد ميثاقه 
2- ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل
3- ويفسدون في الأرض

ثمّ يقول الله تعالى بعدها : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
الله عزّ وجل بدأ يعدّد ويتلطّف بنعمه سبحانه وتعالى علينا
هذا استفهام بمعنى التّعجب والتّوبيخ والإنكار

كيف يحصل منكم الكفر بالله الذّي خلقكم من العدم وأنعم عليكم بأصناف النّعم ، ثمّ يميتكم عند استكمال آجالكم ويجازيكم في القبور ثمّ يحييكم بعد البعث والنّشور ، ثمّ إليه ترجعون فيجازيكم الجزاء الأوفى ، فإذا كنتم في تصرفه وتدبيره وبرّه وتحت أوامره الدّينية
ومن بعد ذلك تحت دينه الجزائي فهل يليق بنا أن نكفر به !
 وهل هذا إلا جهل عظيم وسفه وحماقة منا ؟
بل الذّي يليق بنا أن نؤمن به ونتقيه ونشكره ونخاف عذابه ونرجو ثوابه
 ثمّ بدأ الله سبحانه يعدّد علينا النّعم فيقول
 هو الذّي خلقكم والذّي خلق لكم مافي الأرض جميعًا
هل من خالق غير الله هل فيه نعمة تتنعم بها أعطانا إيّاها غير الله سبحانه وتعالى
أي خلق أو أي نفع نفعنا به الخلق
خلق لنا مافي الأرض جميعاً ثمّ استوى سبحانه وتعالى بعدها إلى السّماء فسوّاهن سبع سموات وهو بكلّ شي عليم لم يخلق أي شيء لنا إلا لينفعنا سبحانه وتعالى
أسال الله عز وجل بمنّه وكرمه أن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علمًا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق