الثلاثاء، أكتوبر 06، 2015

تفريغ سورة البقرة من آية 49 إلى آية 57















بسم الله الرحمن الرحيم


[ الوجه السابع من سورة البقرة ]



يقول تعالى: 

(وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ )

بدأ الله عزوجل وشرع بتعداد النعم العشر التي أنعم الله بها على بني إسرائيل من آية 49 إلى آية 

* ذكرت في الآية أول نعمة

نلاحظ الآن أن الآيات كما ذكرتهم بنعم الله عليهم ذكرت لهم بعدها مواقف عنادهم

و خطاب هذه الآيات موجهة إلى يهود المدينة الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم، وعاصروا تنزيل القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم .


يُذكرهم بنعم الله عليهم التي أنعم الله بها على آبائهم و كانت سبب لبقائهم 

ومن المعلوم أن العذاب نوعان :

1- نوع يمكن دفعه : 
وهو عذاب المخلوقات كالهدم و الغرق و نحوه.

2- نوع لا يمكن دفعه :
كالطاعون و الصاعقة و الموت .

و المراد بها في الآية هو النوع الثاني .

إذاً ، النعمة الأولى التي أنعم الله عزّ وجل بها عليهم هي النّجاة من عذاب فرعون و آله بذبح أبناءهم و ترك نساءهم أحياء للخدمة حتى يخدمونهم .

أي أنتم يا بني إسرائيل بين قتيل و مذلّل بالأعمال الشاقة ،

الرجال منكم مقتلين و النساء مذللين بالأعمال الشاقة ،
والاستحياء على وجه المنّة عليه و الاستعلاء عليه ،
و هذه غاية الإهانة فمنّ الله عليهم بإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقرّ أعينهم ،
فعندما ترى العدو الذي آلمك و آذاك يهلك ؛ هذا يقرّ العين
و لذلك جعل الله هلاكهم أمام أعين بني إسرائيل

( وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ )

 أي الإنجاء هذا إحسان من الله تعالى

* و البلاء نوعان :

1- يكون إحسانٌ من الله تعالى يحتاج إلى شكر .

2 - و قد يكون بلاء يحتاج إلى صبر .

أما البلاء المقصود في الآية فهو إحسان من الله سبحانه وتعالى
فهو إحسان من ربكم عظيم فهذا مما يوجب عليكم الشّكر و القيام بأوامره
و هذه كانت أول نعمة على بني إسرائيل . 

* النعمة الثانية ;

(وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ
وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ )

عبور بني إسرائيل البحر سالمين و إغراق فرعون وجنوده
وكل هذا كان أمام أعينكم .


* النعمة الثالثة :

وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ )

امتنان الله تعالى عليهم بقبول توبتهم و عفوه عنهم بعد عبادة العجل و هذا عمل شنيع من بني إسرائيل

(ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
و العفو نعمة عظيمة من الله تعالى يمتنّ الله بها على من يشاء من عباده .

* النعمة الرابعة :

( وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)

إنزال التوراة الفارقة بين الحقّ والباطل 
و بين الحلال و الحرام

 - لعلكم تهتدون : أي لعلّكم ترجعون إلى الله سبحانه وتعالى 


( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )

التخلّص الجماعي بأمر الله على لسان نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم ؛ بأن يقتل بعضهم بعضاً بعد أن ظلموا أنفسهم بعبادة العجل من دون الله تعالى ، فلما قتل بعضهم البعض توبة إلى الله
عفا الله عنهم .

( فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ )
و هذه منّة من الله يمنّ بها الله سبحانه وتعالى على أمّة محمد صلى الله عليه وسلم

فلقد كانت التّوبة عند الأمم السّابقة بالقتل ،
و نحن و لله الحمد توبة بينك وبين الله ترجع فيها إلى الله لا يعلم بها إلا الله جل وعلا ،

أما الأمم السّابقة فقد كانوا يقتلون أنفسهم 

* كيف تبت يا الله عليهم ؟!
تاب الله عليهم عندما قتل بعضهم البعض
فعندما قتل بعضهم بعضاً توبة إلى الله عفا عنهم
و هذه الآية قال فيها بعض أهل العلم ربما كانت هذه النعمة من أجل النعم .

فمعنى قوله تعالى  :
(اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ )
في عفوي عليكم بعد عبادتكم العجل عند ذهاب موسى لميقات ربه ، و هكذا تاب الله على من قتل ، و أما المقتول فهو حيّ يرزق عند الله ، و من بقي حيًّا قَبِلَ الله توبته ،
وهذه من أعظم النّعم على بني إسرائيل ،
فأعظم نعمة أن يتوب الله عليك ،
و أعظم نعمة أن يرزقك الله التوبة ،
و أعظم نعمة أن يرزقك الله الهداية .


* النعمة السادسة :

(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)


إحياء الله تعالى للسبعين الذين اختارهم موسى عليه السّلام للذهاب معه إلى الطور للاعتذارعن عبادة العجل ،
فاستنكفوا عن التّصديق حتّى يروا الله تعالى جهرة ،
 فأخذهم الله بصاعقة أحرقتهم فماتوا ثمّ امتنّ الله تعالى عليهم
 فبعثهم ليستوفوا آجالهم المقدّرة لهم .
نعمةً عظيمة أعطاها الله عزّ وجل بني إسرائيل ، و مع ذلك استمروا في تمرّدهم على الله عزّ وجل .


* أما النّعمة السابعة و الثامنة فهما : 

سترهم بالسّحاب الأبيض الرّقيق

( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

سترهم بالسّحاب الأبيض الرّقيق من حرّ الشّمس أثناء وجودهم في وادي التّيه بين الشّام و مصر ،
و إنعامه عليهم بأنواع من الطّعام و الشّراب كــالمنّ و السّلوى
و هذا من الرّزق الطّيب الذّي يُوجب شكر الله سبحانه وتعالى ،
فلم يفعلوا و كفروا بتلك النّعم .

- المنّ :

هو اسم جامع لكلّ رزق حسن يحصل بلا تعب و منه الزّنجبيل
و الكمأة و الخبز و قيل هو العسل .


- السّلوى : 
طائر صغير يقال له السُّمان طيب الّلحم .
فكان ينزل عليهم من المنّ و السّلوى ما يكفيهم 

- من طيبات ما رزقناكم :
أي رزقًا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفين 


فلم يشكروا هذه النّعم و استمروا على قساوة القلوب و كثرة الذّنوب .

و ما ظلمونا : بتلك الأفعال المخالفة لأوامر الله ،

فإنّ الله سبحانه وتعالى لا تضرّه معصية العاصين 
و لا تنفعه طاعة الطّائعين . 

و لكن كانوا أنفسهم يظلمون : أي يعود الضّرر عليهم

هناك تعليق واحد