الوجه الثالث عشر من سورة البقرة
يقول تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ )
هذه الآيات : من آية 87 يذكر الله عزّ وجلّ مواقف اليهود من الرّسل والكتب وكفرهم بما أنزل الله على محمّد صلّى الله عليه وسلّم وقتلهم الأنبياء
كذلك تكذيب الرّسل والتعصّب والحسد عندهم
وموقف اليهود من الملائكة.
الآن بإذن الله الوجه هذا سنأخذ التعصّب والحسد عند اليهود
تكلّمنا عن تكذيبهم الرّسل وقتلهم الأنبياء
نحن مازلنا في مواقف اليهود
مواقف اليهود مع الرّسل والكتب والملائكة
الدّرس الفائت أخذنا تكذيب الرّسل وقتلهم
اليوم بإذن الله عزّ وجلّ نأخذ تعصّب اليهود وحسدهم
لديهم تعصّب ولديهم حسد
كذلك بإذن الله إن شاء الله سنأخذ تكذيب إدّعائهم الإيمان بالتّوراة
هم يدّعون أنّهم مؤمنين بالتّوارة
الله عزّ وجلّ يُكذّب هذا الإدعاء .
الدّرس القادم بإذن الله سنأخذ موقف اليهود من الملائكة
اليوم لن نتطرّق هذا الوجه وجه 13 لن يتطرّق إلى موقف اليهود من الملائكة
وإنّما فقط التعصّب والحسد عند اليهود
وكذلك تكذيب إدّعائهم الإيمان بالتوراة
قال تعالى: ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ )
أي لما جاءهم كتاب من عند الله على يد أفضل الخلق خاتم الأنبياء محمد صلّى الله عليه وسلم المشتمل على تصديق ما معهم من التّوراة
هم الآن معهم التّوراة وهذا الكتاب يصدق التّوراة
وقد علموا به وتيقنوه
حتى إنّهم كانوا إذا وقع بينهم وبين المشركين في الجاهليه حروب
استنصروا بهذا النّبي وتوعدوهم بخروجه وأنّهم يقاتلون المشركين معه
ماذا يقول الله عزّ وجلّ ؟
يقول : ( وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ )
كانوا يتوعّدون الكافرين به ويستنصرون بهذا النّبيّ
ويتوعّدونهم وأنّهم سيقاتلون المشركين معه
فلمّا جاءهم هذا الكتاب وهذا النّبي فلمّا جاءهم ما عرفوا
يعني هم عارفين ماذا يوجد في هذا الكتاب، لايجهلون هذا الكتاب، يعرفون حقيقته
( فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ )
هذه النتيجة
ماذا كان سبب كفرهم ؟
بغيا وحسدا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده
مع أنّهم يعرفون أنّه من العرب لكن حسد
( فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ )
فلعنهم الله وغضب عليهم أشدّ الغضب
غضب من بعد غضب
لكثرة كفرهم وتوالي شكّهم و شركهم
ولم ينتهي هذا الغضب في الدّنيا
ولهم في الآخرة عذاب مهين
يقول الله عزّ وجل: ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا )
يعني حسدا
( أَن يُنَزِّلُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ )
-أعوذ بالله- حياتهم كلّها من غضب إلى غضب
( فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ )
أي مؤلم موجع وهو صلي الجحيم وفوت النّعيم
فبئس الحال حالهم وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الإيمان بالله وكتبه ورسله إلى الكفر به وبكتبه وبرسله
مع علمهم وتيقّنهم فيكون أعظم لعذابهم
مع أنّهم كانوا ينتظرون بعثة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
وكانوا يستنصرون به وكانوا يعرفونه
وهذه الصّفات التّي ذكرت في التّوراة
كما يعرفون أبناءهم
ومع ذلك كفروا به
فاستحقوا بذلك الغضب فبئس الحال حالهم.
هذا يدلّ على أن القرآن من عند الله وأنّه كلامه تكلّم به حقيقة
لقوله: ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ )
ويدلّ على أنّ اليهود كانوا يعرفون أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سيبعث وتكون له الغلبة
( وكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ )
لكن -أعوذ بالله- الحسد الذّي في قلوبهم لم يجعلهم يستطيعوا
ولما جاءهم الرّسول الذّي كانوايستفتحون به كفروا به
فدلّ ذلك على عتوهم وعنادهم .
النّفس إذا طاوعتيها تهلكك
اليهود مشكلتهم طاوعوا أنفسهم
وإلا كانوا يعرفون محمّد صلّى الله عليه وسلّم ويعرفون صفاته
ولكن لما خرج
ما استطاعوا أن يكتموا هذا الغيظ
ما استطاعوا أن يأدّبوا أنفسهم
ما استطاعوا أن يعالجوا المرض الذي في قلوبهم
لذلك أعوذ بالله كفروا
فهذه أمراض قلوب
فإذا أنت لم تعالجي الحقد الذي في قلبك قد يقتلك مثل ما فعل في اليهود .
اليهود كانوا ينتظرون هذا الرّسول ينتظرونه
لكن لما خرج ما استطاعوا أبدا
( بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ )
ما استطاعوا لماذا ؟
لماذا نزل هذا الفضل على هذا الشخص
( فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ )
إذا لم نعالج الأمراض التي في القلب
إذا لم نعالجها يوميا
ونحن كلنا معرّضات للآفات
فالقلب يحتاج باستمرار إلى تعقيم تنظيف إخراج شوائب إخراج المرض الذي في القلب
القلب يعتريه نفاق القلب يعتريه كبر القلب يعتريه رياء
القلب يعتريه محبّة النّاس على محبّة الله عزّ وجلّ
القلب يستشرف إلى مدح النّاس وثناء النّاس
نحتاج إلى تطهير القلب باستمرار
إذا لم ننظّف أنفسنا سيزيدنا الله عزّ وجلّ- أعوذ بالله-
حسد على ما في قلوبنا.
أخذناها نحن من قبل وتكلّمنا من قبل
أنّ الذّنب إذا لم تحاولي أن تستغفري منه وتركتيه -قد أعوذ بالله-
يأتي بذنب أكبر منه بعضها بعض
ولا يجرّ صغير لا لن يرضى بالذّنب الصّغير
لن يرضى إلا بذنب أكبر منه
وغفلة أكبر من الغفلة الذي هو فيها
فلننظّف ونجدّد إيماننا ونطهّر قلوبنا
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ )
الآن جاءت الدّعوى والنّصائح
الآن شاهدي قلبك إذا أحد قال لك اتق الله هذا خطأ عليك هذا ما يصلح
إذا أحسستي بنفره إذا القلب يحتاج
قلوبنا مريضه تحتاج
مثلا نقول : أنا وين تنصحني انا وين توجهني انا وصلت مرحله عاليه
هذا معناه أن قلبك فيه من الخلل والمرض ما فيه
كلنا نحتاج
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ )
ماذا قالوا ؟
قالوا: (قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ )
يكفي أن نؤمن بما علينا
لماذا نؤمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ؟
محمّد نزل على العرب
خلاص اتركوه للعرب
نحن نتبع التّوراة -أعوذ الله-
أين ما كنتم تستفتحون به ؟
ومن كنتم تنتظروا من قبل ؟
انظروا كيف الحسد
ونحن قد نقع في شيء من هذا
ليس هو الشّرط نفسه قد نقع فيه
انتبهي انتبهي !
الذّنوب تهلك الذّنوب تقتل
قالوا:( قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ )
مع أنّه الذّي أنزل التّوراة وأنزل القرآن هو الله سبحانه وتعالى وهو واحد
( وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ )
وإذ أُمر اليهود بالإيمان بما أنزل على رسوله وهو القرآن استكبروا وعتوا.
رأس الذّنوب الكبر رأس الذّنوب الكبر
قالوا : ( قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ )
بما سوّاه من الكتب
مع أنّ الواجب أن يؤمنوا بما أنزل الله مطلقا سواء أنزل عليهم أو على غيرهم
وهذا هو الإيمان النّافع
الإيمان بما أنزل الله على جميع رسل الله
إذا إحدى زميلاتك قامت بعمل برنامج أو درس أو محاضرة أو أي شيء
اعتبري أنّك أنت قمتي بإنجازه
بالضبط افرحي بالنتائج الطيّبة وتألمي بالنتائج السّيئة
ولا يكون موقفك عكس ذلك
اجعلي قلبك طاهرًا بينك وبين الله لا يهمّك النّاس لا يشغلونك النّاس
النّاس لا يدخلونك جنّة ولا نارًا
النّاس لن يقفوا عند قبرك
النّاس لن يقفوا معك
لماذا تنتظرين من النّاس
وماذا تتنظرين من النّاس
وماذا سيأتينا
سؤال ؟
لذلك دائمًا اجعلي أعمالك خالصة لوجهه قدميها لله انسيها
لا تنتظري من النّاس جزاء ولا شكورا .
وأما التّفريق بين الرسل والكتب وزعم الإيمان بعضها دون بعض
فهذا ليس بإيمان؛ بل هو الكفر بعينه
فقط حسد
لماذا هذا الرّسول من العرب
يعني العرب سترتفع علينا
لا تتوقعوا هذا الموقف ولا تتوقعوا أن يكون لكم هذا الشّيء
هذا يعني أنّه يوجد فيكم تعصّب فقط لكتابكم تعصّب فقط لرسولكم
وليس لله سبحانه وتعالى
إذًا هو ليس إيمان بالله عزّ وجلّ يوجد فرق
بعض الأحيان نتعصّب لآرائنا فقط لأنّه هو رأيي أنا ولا يهمّني أنّه الحقّ
آخذ وأعطي وأتكلّم ويمكن أتجرأ لأنّ هذا رأيي
أنت تناقشين لله ولا تناقشين لرأيك ؟
أنت بتثبتين رأيك وبتثبتين وجودك ولا لله سبحانه وتعالى ؟
فيه فرق
كان هذا عمل اليهود كانوا يتعصبون لكتابهم لأنّه هو تبعهم وموسى عليه السّلام لأنّه تبعهم فقط.
لكن ليس هو لأنّه من عند الله
بدليل أنّه لم يؤمنوا بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم ولم يؤمنوا بالقرآن
ولهذا ردّ عليهم تبارك وتعالى هذا ردًا شافيا وألزمهم إلزاما لا محيد له
فردّ عليهم بكفرهم بالقرآن بأمرين
ردّ عليهم أنّهم كافرين بأمرين
ماهي الأمران الذي أثبت الله سبحانه وتعالى أنّ اليهود كفار؟
قوله تعالى: ( وَهُوَ الْحَقُّ )
فإذا كان هو الحقّ في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات والأوامر والنّواهي وهو من عند ربّهم فالكفر به بعد ذلك كفر بالله تعالى وكفر بالحقّ الذي أنزله
ثمّ قال : ( مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ )
أي موافقا له في كلّ ما دلّ عليه من الحقّ ومهيمنًا عليه ومسيطرا عليه .
فحددّي هدفك حددّي مقصدك قبل أن توضعي في قبرك
قبل أن تقفي أمام الله سبحانه وتعالى
قبل أن تقفي أمام الله سبحانه وتعالى
أول من يسعّر به النّار يوم القيامة حافظ لكتاب الله
ثمّ نقض عليهم تعالى دعواهم الإيمان بما أنزل إليهم
فقال قل لهم يامحمد : ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
إذا كان فعلا فيكم إيمان إذا كان فيكم حسّ إيماني
فلماذا تتجرأون على أنبياء الله بالقتل وغيره
( وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ )
بالأدلّة الواضحات المبيّنة للحقّ
( ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ )
من بعد مجيء موسى عليه السّلام
( وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ )
قد تجاوزتم الحدّ في الظّلم وفي ذلك فليس لكم عذر
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ )
الآن الله عزّ وجلّ يذكرهم
وقد تكلّمنا عنهم لما رفع الله عزّ وجلّ عليهم الطّور
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ )
الميثاق العام
( وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ )
(خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ )
خذوا دينكم بقوّة.
لابدّ من أخذ أوامر الله بقوّة
تلقّى شريعة الله عزّ وجلّ بالقوّة دون الكسل
ولا ضعف ولا شيء من التّهاون والتّساهل
( قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا )
( وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ )
أي صيغ حبّ العجل في قلوبهم وتشربها
بسبب ماذا ؟
يقول الله عزوجل
( وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ )
الباء سببية
يعني بسبب كفرهم
أي أمر يكون لنا نحن نبتعد عن الله عزّ وجلّ تكثر فينا الذّنوب بسبب ماذا ؟
الأساس بعدنا عن الله عزّ وجلّ
فالله عزّ وجلّ لا يظلم سبحانه
( قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ )
أي أنتم تدّعون الايمان وتتمدّحون بالدّين الحقّ وأنتم قتلتم أنبياء الله
واتخذتم العجل إله من دون الله لما غاب عنكم موسى نبي الله
لا شكّ أن يكون أُشرب في قلوبهم العجل عقوبة من الله سبحانه
فنحن عندما نكثر من الذّنوب يعاقبنا الله بذنب أكبر وذنب أعظم
ولم تقبلوا أوامر ونواهي الله عزّ وجلّ إلا بعد التّهديد ورفع الطّور فوقكم
فالتزمتم بالقول ونقضتم بالفعل
فما هذا الايمان الذّي ادعيتم به ؟
فإذا كان هذا إيمان على زعمكم
فبئس الإيمان الداعي صاحبه إلى الطّغيان
والكفر برسول الله وكثرة العصيان
وقد عُهد أنّ الايمان الصّحيح
يأمر صاحبه بكلّ خير وينهاه عن كلّ شرّ
فوضح بهذا كذبهم وتبين تناقضهم
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك
رجاء اكمال سورة البقرة لانه متوقفة عند الوجه رقم ١٣
ردحذف