الثلاثاء، مايو 31، 2016

تفريغ سورة البقرة من آية 154 إلى آية 163







الوجه الثالث والعشرون من سورة البقرة 




 يقول الله تعالى :
(وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ) 


 من المعلوم لدينا :
أن المحبوب لا يتركه العاقل إلا لمحبوب أعلى منه وأعظم 

فأخبر الله تعالى أن من قُتل في سبيله ، بأن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله سبحانه وتعالى العليا ، ودينه الظاهر ، لا لغير ذلك من الأغراض ، او نيه بأن يقال عنه جريء ، او يقال شجاع  او أمور أخرى ، إلا ان تكون كلمه الله هي العليا ودينه الظاهر كان هذا هو الهدف لديه والمقصد ، فإنه لم تفُته الحياة المحبوبة ،

هو خرج من حياة محبوبة التي هي الحياة الدنيا
ترك زوجته ، ترك أولاده ، ترك أهله ، ترك أحبابه ، ترك تجارته

فإنه لم تفُته الحياة المحبوبة ، بل حصل له حياة أعظم وأكمل مما تظنون وتحسبون .

نستدل من هذه الآية أن أي أمر نتركه لله سبحانه وتعالى سيعوضنا الله عز وجل بشيء أحب إلى أنفسنا من الأول 

استنباطا من الشهداء لأنهم تركوا الدنيا لله سبحانه وتعالى
تركوا محبوبهم  لأجل محبوب أعظم منه 
فالله يعطيهم محبوب أعظم منه

هذه الآية جاءت بعد آية الصبر بعد ما ذكر الله سبحانه وتعالى الاستعانة بالصلاة و الاستعانة بالصبر ولأنهما عماد الدين ونور المؤمنين

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)

كأنها إرهاصات لما سيأتي من أمر أعظم لابد أن تصبروا عليه ، أعظم أمر لا بد من الصبر عليه والذي هو مصيبة الموت
" فأصابتكم مصيبة الموت "

هذا يدا على أن مصيبة الموت أعظم مصيبة تصيب الإنسان
بدأ الله عز وجل بها ، لاشك أن الذي سيجاهد في سبيل الله ويُقتل لاشك أنه أتته مصيبة الموت ،

لكن الله سبحانه وتعالى لأنه ترك المحبوب لمحبوب أعظم منه
فإن الله عز وجل يجازيه بشيء أعظم منه 

ثم بدأت تتوالى المصائب ،
يعلمنا الله عز وجل بالمصيبة الثانية 

وقبل أن نذكر عن المصيبة الثانية نتكلم عن الشهادة
أخبر النبي ﷺ : " أن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ، فلو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه أحد.

ولكن عدم العلم اليقيني التام هو الذي فتر العزائم  وزاد نوم النائم ، وأفات الأجور العظيمة والغنائم "

وأنا أقول لكم دائما كلما زاد اليقين كلما زاد الهدى وكلما زاد الهدى ازداد العمل الصالح


الآن ستأتي مصيبة أخرى أقل منها بقليل :
(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )

الخوف الأولى ،  والجوع الثانية ،
الآن بدأ الله عز وجل يعدد المصائب التي ممكن أن تحصل للإنسان  ، ونقص من الأموال الثالثة ، والانفس الرابعة ، والثمرات الخامسة "

بعد أن ذكر الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )

بدأ بأعظم مصيبة والتي هي مصيبة موت الإنسان
ثم بعدها بدأ يذكر المصائب ،
أي مصيبه الآن ستأتي كلها تندرج تحت هذه المصائب ،

(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )

انتهى هذه هي أنواع المصائب خمسة أنواع
أي مصيبة تدخل تحت هذه الخمس

هذه الأساسيات :
 " الخوف ،الجوع ،نقص الأموال ، الانفس ، الثمرات " 

إذا هذه أنواع المحن ، والمحن دائما تأتي لتمحص ، لا تأتي لتهلك

(بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ )
من أين يأتي الخوف ، الخوف من الأعداء .

( وَالْجُوعِ )
بشيء يسير منهما ، الله عز وجل يبتلينا بشيء يسير منهما
لأنه لو ابتلانا بالخوف كله والجوع كله لهلكنا
لان المحن وهذه قاعدة " المحن تمحص لا تهلك " .


( وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ )
وهذا يشمل جميع النقص المعتري من جوائح سماوية : غرق ، ضياع ، وأخذ الظلمة للأموال ، وقطاع الطرق ، وغير ذلك .


( وَالْأَنفُسِ )
أي - ذهاب الاحباب من الأولاد ، الأقارب ، الأصحاب ، ومن أنواع الأمراض في البدن نفسه أو أمراض تصيب من يحب ،

( وَالثَّمَرَاتِ ۗ )
وهي الحبوب ، وثمار النخيل والأشجار
كلها تعتبر من الثمرات
فإما يصيبها برد أو حرق أو يصيبها أفة سماوية .

ثم قال تعالى : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )

الآن الله عز وجل سيخبرنا وسيعلمنا من هم أنواع الناس في هذا .

دائما الناس إذا وقعت في مصيبة انقسموا إلى قسمين
" جازعين أو صابرين " 

فالجازع حصلت له المصيبتان ،
فالذي يجزع تحصل له مصيبتان والتي هو فوات المحبوب خلاص راح سواء كان ميت سواء كان مال سواء كان قريب ، فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة وفوات ما هو أعظم منها وهو الأجر المترتب بامتثال أمر الله بالصبر فاتت عليه

" إنما الصبر عِند الصدمة الأولى "

وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب ، فحبس نفسه عن التسخط قولاً وفعلاً ،

أما الأول فاته الصبر فاته الرضا فاته الشكر
حصل له السخط، وفقد المحبوب
بسخطك هذا لن يعود .



أولئك الذين إذا أصابتهم مصيبة ماذا يقولون يارب :
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )

اتخذها كنبراس لحياتك كمنهج اذا اصابتك مصيبة فورا قل
( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )

لابد أن تعرف أن الله عز وجل أثناء أقداره سبحانه جل وعلا
لا يقدر قدر ولا يُنزل أمر إلا بثلاثة أمور
لا تنسى هذه الأشياء :

1- أن الله رحيم سبحانه جلا وعلا ورحمته عمت كل شيء .
2- وأن الله عز وجل عادل .
3- وأن الله عز وجل حكيم يضع الشيء في مكانه .

هذه الأمور يجب عدم نسيانها عند حدوث أي أمر
" العدل الرحمة الحكمة من الله سبحانه تعالى " 

فإن الله رحيم ما أنزل هذا البلاء لهذا العبد إلا رحمة منه جل وعلا .
الأمر الثاني العدل عدلا منه سبحانه جل وعلا بين الخلق .
الامر الثالث الحكمة إن الله سبحانه وتعالى حكيم وأن يضع الشيء في مكانه .


( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )
أي بشرهم بأنهم سيوفون أجرهم بغير حساب ، فالصابرين هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة والمنحة الجسيمة .

( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )
ماهي المصيبة :
هي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما  .

( قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ )
أي مملوكون ، مدبرون تحت أمره وتصريفه ،
فليس لنا من أنفسنا أو أموالنا شيء ،
فإذا ابتلانا بشيء منهما فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم ، فلا اعتراض عليه

لا نعترض على تدبير الله سبحانه وتعالى ،
نحن تحت ملكه ، نحن تحت تدبيره سبحانه

بل من كمال عبودية العبد علمه بأن وقوع البلية من المالك الحكيم الذي أرحم بعبده من نفسه ، فيوجب له ذلك الرضا عن الله ، والشكر له على تدبيره لما هو خير لعبده ، وإن لم نشعر بذلك لضعفنا ونقص عقولنا.


* ثم يقول الله عز وجل:
( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )

( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ )
ثناء من ربهم رحمة تنزل عليهم ، رحمة عظيمة من رحماته أن وفقهم الله عز وجل للصبر الذي ينالون به كمال الأجر .


( وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
من هم المهتدون ؟
الذين عرفوا الحق ، واتبعوه وعملوا به

ودلت الآية على أن من لم يصبر فله ضد مالهم ،
فحصل له الذم مِن الله والعقوبة والضلال والخسارة .
لن يعود بشيء ، و لن يأتي بشيء 


* ثم يقول الله عز وجل بعدها :
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )

عندما ذكر الله عز وجل الصلاة قبل المصائب كأنها إرهاصات للعبد أنه لو أتتك مصائب استعن بالصبر والصلاة ، إرهاصات لنا .

وعندما انتهى الموضوع وأرشدنا الله عز وجل
فالله عز وجل يرشد قبل أن ينزل الشيء ،

فأرشدنا الله عز وجل أولا ثم أخبرنا ماهي المصائب
وهذا من رحمته بعباده تعليمهم وهدايتهم وإخبارهم وتفهيمهم ، ولكن من الذي يفهم هذا كله إلا العاقلون .


وبعدها لو استشعرنا قبل أية :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )

قبلها قال :
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ )

كأن الله عز وجل يقول سأعلمكم أمور تزكيكم هي هذه الأمور
ومنها أية الصبر، ومن ثم بعدها المصائب وأنواعها

بدأ الله عز وجل بأعظم مصيبة فقد النفس نفسها
ثم بعد ذلك ذكر المصائب الخمسة التي ذكرتها وهي أُسس وأصول البلاء والمصائب والتي هي :
" الخوف، والجوع ونقص من الاموال والأنفس،والثمرات "

ثم بعدها قال الله عز وجل :
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَه)

يخبر الله تعالى أن الصفا والمروة وهما معروفان من شعائر الله ،
يعني من أعلام دينه الظاهرة ات تعبّد الله بها عباده واذا كان من شعائر الله فقد أمر الله بتعظيم شعائره سبحانه

قال الله تعالى :
( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ )

إذا هذا دفع لوهم من توهم وتحرج من المسلمين عن الطواف بينهما لكونهما في الجاهلية تُعبد عندهما الأصنام ،

بعض المسلمين والصحابة تحرجوا أن يطوفوا لان هذا المكان كان يعبد فيه الأصنام فلذلك الله عز وجل قال :
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا )

ودل تقييد نفي الجناح فيمن تطوف بهما في الحج والعمرة ، أنه لا يتطوع بالسعي مفردا ، فلا يجوز أن تسعى فقط تطوع بالسعي مفرد لا  , إلا اذا كنت  حاج أو معتمر ، فإذا فعلنا ذلك أي السعي مفرد بدون حج او عمرة كانت بدعة .

 لأن البدعة نوعان : نوع يتعبد الله بعبادة لم يشرعها أصلا ، ونوع يتعبد له بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة ، فتفعل على غير تلك الصفة 

بعض البدع لها أساس ولكن يغيرون في صفتها
وبعضهم أي البدع ليس لها إساس .
(وَمَنْ تَطَوَّعَ)
أي فعل طاعة مخلصا بها لله تعالى

يقول الله تعالى :( وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )
وهذا يدل على أن كلما ازداد العبد من طاعة الله
ازداد خيره وكماله و درجته عند الله لزيادة إيمانه

يجب أن تكون قاعدة من قواعد حياتك
( وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا )
أي خير يارب ، وتأكد ان قدمت عشرة أعمال تختلف عمن قدم تسعة , إذا كان المقصود الله عز وجل
ونقول المقصود الله والهدف هو الله سبحانه جل وعلا

ودل تقيد التطوع بالخير أن من تطوع بالبدع التي لم يشرعها الله ولا رسوله فقط يحصل بها العناء انها ليس بخير بل قد تكون شرا له ، إن كان متعمدا عالما بعدم مشروعية هذا العمل ،

ثم تتعجب من أن الله ختمها
( فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )
يعني إن تطوعت وزدت من الخير
الله عز وجل يشكر عباده سبحانه 
وبعد أن يشكر هو سبحانه جل وعلا يعلم ما مقصودك وما نيتك
أو ماذا أردت بهذا العمل ؟ وهذا العمل لمن ؟
وماذا تقصد به ؟ وأي وجه تقصده ؟ وهل تقصد الله تعالى ؟ 

إذا الله عز وجل لا يشكر إلا من يقصدونه هو ويتوجهون إليه هو سبحانه 

شاكر اسم من أسماء الله الحسنى
وكذلك العليم اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى .

اذا قام العبد بأوامره وامتثال طاعته أعانه على ذلك واثنى عليه ومدحه ، وجازاه في قلبه نورا وإيمانا وسعة وفي بدنه قوة ونشاط وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء ، وفي أعماله زيادة توفيق .



" يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: من تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ومن تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَمن أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً "
الله عز وجل يعامل الربح أضعافا مضاعفة .


ثم قال تعالى :
 ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) 


وهو لاشك الآن يقصد أهل الكتاب ، يتكلم الله عز وجل عن أهل الكتاب و ما كتموا من شأن الرسول ﷺ وصفاته ،
ولكن حكمه حكم عام ، لكن من اتصف بكتمان ما أنزل الله عز
وجل

( مِنَ الْبَيِّنَاتِ )
الدالات على الحق المظهرات له

( وَالْهُدَىٰ )
 وهو العلم الذي تحصل به الهداية الى صراط المستقيم 

ودائما الكتمان يحصل فيه مفسدتين :
كتم ما أنزل الله عز وجل والغش لعباد الله 

فأولئك أعوذ بالله : ( يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ )
 يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته  
وكذلك
( وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ )
وهذه زيادة تأكيد على الخذلان
وهم جميع الخليقة فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة
لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم وإبعادهم عن رحمة الله سبحانه وتعالى .



( إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )


(إِلا الَّذِينَ تَابُوا )
 أي رجعوا عما هم عليه من الذنوب ندما وإقلاعا
وعزموا على عدم المعاودة

( وَأَصْلَحُوا )
أي أصلحوا ما فسد من أعمالهم فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن  

إذا أفسدت أمر حاول تصلح هذا الفساد , فلتكن قاعدة 
وهذا من شروط  قبول التوبة .


ثم ختم الله عز وجل الآية فقال:
(فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )
لأني رحيم فأنا أتوب ، فهو سبحانه جل وعلا
 هي كلها من اسمائه جلا وعلا .


( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )

 تكلم الله عن لعنته على الكفار لأنه لما صار كفرهم وصفا ثابتا ، صارت اللعنة عليهم وصفا ثابتا لا تزول
لان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما .


( خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ  )


(خَالِدِينَ فِيهَا)
أي في اللعنة والعذاب والمعنيان متلازمان .

(لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ)
بل عذابهم دائم شديد مستمر .


(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ)
أي ولا يمهلون ولا يعطون فترة ولم يبق لهم عذر فيعتذرون .


ثم قال عز وجل في ختام الوجه  يتكلم وهو أصدق القائلين قال :
( وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ )

يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين -
أنه ( إِلَهٌ وَاحِدٌ )
أي: متوحد منفرد في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، فليس له شريك في ذاته ولاسمي له و لا كفو ولامثيل له ولا نظير ولا خالق ولا مدبر غيره ، فإذا كان كذلك فهو المستحق ان يُعبد بجميع أنواع العبادة ولا يشرك به أحد من خلقه لأنه ارحم الراحمين المتصف بالرحمة العظيمة التي لا يماثلها رحمة أحد فقد وسعت رحمته كل شيء


سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا انت استغفرك واتوب اليه


ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق