الوجه الواحد والثلاثون من سورة البقرة
يقول تعالى:﴿وَاذكُرُوا
اللَّهَ في أَيّامٍ مَعدوداتٍ﴾
يأمر اللّـه تعالى بذكره في الأيام المعدودات
وهي ٲيام التشريق الثلاثة بعد العيد
لمزيتها، وشرفها، وكون بقية أحكام
المناسك تفعل بها،
ولكون الناس أضيافاً لله
فيها،ولهذا حَرُمَ
صيامها.
فللذكر فيها مزيةٌ ليس لغيرها بدليل قول الله عز وجل:
﴿وَاذكُرُوا
اللَّهَ في أَيّامٍ مَعدوداتٍ﴾
ولهذا قال الله عز وجل أياماً معدودات حتى يتشرف الإنسان لها ويهتم
بها.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:” أيام
التشريق أيام ٲكل وشرب وذكر للّه تعالى”
ويدخل في ذكر الله فيها ذكرهُ عند رمي الجمار وعند الذبح،
والذكر المقيد عقب الفرائض
،
بل قال بعض العلماء أنه يستحب فيها التكبير المطلق كالعشر وليس
ببعيد على هذا،
( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ )
أي خرج
من مِنى ونفر منها قبل غروب شمس اليوم الثاني
( فَلا إِثْمَ عَلَيْ هِ)
(وَمَنْ تَأَخَّرَ)
بأن بات بها ليلة الثالث ورمى من الغد
(فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)
وهذا تخفيف من الله تعالى
على عباده في إباحة كلا الأمرين.
ولاشك أن التأخر أفضل لأنه أكثر عبادة، لأن فيه زيادة عبادة.
ولما كان نفي
الحرج قد يفهم منه نفي
الحرج في ذلك وفي غيره قال
الله تعالى:
( (لِمَنِ اتَّقَى
ليست العبرة في أن تجلس
لليوم الثالث عشر، العبرة والمقصود
لمن اتقى أي اتقى ﷲ عز وجل في جميع أموره
وأحوال الحج،
فمن اتقى ﷲ في كل
شيءٍ حصل له نفي الحرج في كل شيء،
ومن اتقاه في شيء دون شيء
كان الجزاء من جنس العمل
( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى )
العبرة هي بالتقوى،العبرة
في جودة العمل، وإتقان العمل، وإخلاص العمل، وليس بكثرة الأعمال.
كثرة الأعمال ليست هي المعيار الحقيقي عند ﷲ عز
وجل ،
ليست هي المعيار للفوز،
واتقوا ﷲ بامتثال
أوامره واجتناب معاصيه قال
تعالى
{ وَاتَّقُوا
اللّهَ }
العبرة بالتقوى
لذلك أعادها ﷲ عز
وجل قال:
﴿ِ
لِمَنِ اتَّقى ﴾
يعني هذا كأنه معيار الحاج الذي
فاز بحجه وأصبح حجه مبروراً “هو
التقوى”.
ثم أعاد ﷲ عز
وجل كأنه أمر وقال
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَاعلَموا أَنَّكُم إِلَيهِ تُحشَرونَ}
أي لأن معادكم ومرجعكم إلى
ﷲ عز
وجل لأن نهايتكم الموت
والأخرة لذلك اتقوه سبحانه وتعالى واعلموا تمام العلم
أنكم إليه تحشرون،
اعلموا علم اليقين أنكم
إليه تحشرون فمجازيكم بأعمالكم ،
فمن اتقاه وجد جزاء التقوى عنده ومن لم يتقه عاقبه أشد العقوبة ،
فالعلم بالجزاء من أعظم
الدواعي لتقوى ﷲ تعالى
فلهذا حث ﷲ تعالى
على العلم بذلك،
فالعلم له مزية عظيمة وغالباً يزيد القلب إيماناً ويزيد القلب
تقوى وصلاحاً وهو مما يرسخ القيمة،
كثرة القراءة على أمر ما
يرسخ قيمة هذا الأمر فمثلاً
(قيمة
الصدق قيمة رائعة إذا
أردت أن
تزرعها في أبناءك اجعلهم يقرءوا أمثلة عنها يقرءوا أمثلة عن الصادقين يقرءوا
صفات الصادقين يقرءوا أعمال الصادقين ويقرءوا عن قلوب الصادقين ومواقف للصادقين )
كل هذا يزيد من القيمة
لديهم ٠٠
ثم قال ﷲ تعالى
بعدها:
﴿وَمِنَ
النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدُّنيا﴾
ﷲ سبحانه
وتعالى يعطينا معيار عظيم جداً وهذا المعيار أنه ليس كل من يتحدث كلام حسن ومن
تُعجب به معناه أنه له مقام عند ﷲ سبحانه
وتعالى.
قال: ﴿وَمِنَ
النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ ِ﴾
يعجبك
أنت يعجبك هذا الشخص إذا تحدث ،
﴿وَيُشهِدُ
اللَّهَ عَلى ما في قَلبِهِ ُِّ﴾
فهو
عندما يتحدث ويتكلم وهو
يكذب يشهد ﷲ،
فيقول يعلم ﷲ أني
قصدت كذا، ويعلم ﷲ أني
فعلت كذا، ويعلم ﷲ أني نويت كذا، ويعلم ﷲ أن
هدفي كذا، وهو كاذب.
ووصفه ﷲ تعالى
هنا وقال
﴿ وَهُوَ
أَلَدُّ الخِصامِ﴾
عندما أمر ﷲ تعالى
بالإكثار من ذكره وخصوصاً في الأوقات الفاضلة الذي
هو خير ومصلحة وبر،
أخبر ﷲ سبحانه
وتعالى عن حال من يتكلم بلسانه
ويخالف فعله قوله فالكلام إما
أن يرفع الإنسان أو يخفضه.
نسأل الله الحي القيوم العافية والسلامة.
﴿وَمِنَ
النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدُّنيا ﴾
إن تحدث يعجبك كلامه وإذا نطق ظننته يتكلم بكلام نافع ويخالف قوله
فعله،
ويؤكد مايقول أنه يشهد ﷲ على
ما في قلبه بأن يخبر أن ﷲ يعلم
أن مافي قلبه موافق لما نطق به وهو كاذب في ذلك لأنه يخالف قوله فعله،
فلو كان صادقاً لتوافق
القول والفعل كحال المؤمن،
الصادق من يتحدث وينصح ويوجه وهو أولى الناس بفعله،
نسأل الله أن نكون من الصادقين.
أما المنافق هو ألد الخصام إذا خاصمته
وجدت فيه من اللدد والصعوبة
والتعصب مايترتب على ذلك من مقابيح الصفات،
ليس كأخلاق
المؤمنين الذين جعلوا السهولة
مركبهم،
والإنقياد للحق وظيفتهم،
والسماحة سجيتهم،
يقبلون من الصغير قبل
الكبير،
يقبلون من الفقير
قبل الغني ،
قلوبهم مليئة بالتواضع ،
لا يرون أنهم وصلوا إلى مرحلة لايقبلون النصح والتوجيه،
نحن جميعاً بحاجة إلى التوجيه والنصح.
(وَإِذا
تَوَلّى سَعى)
أما
هذا الذي تولى يعجبك قوله إذا حضرعندك
سعى في الأرض فساداً أي يجتهد في
أعمال المعاصي التي هي إفسادٌ في الأرض ويهلك الحرث بسببه
وسبب ذنوبه ومعاصيه قد تفسد الحرث والنسل،
والآن نرى أن البلايا والمصائب تنزل بسبب ذنوبنا،
لذلك قال تعالى :
﴿وَيُهلِكَ
الحَرثَ وَالنَّسلَ َ﴾
قد يهلكها حقيقةً
ويدمرها ويتلفها وقد تقل بركتها بسبب معاصينا وذنوبنا ،
تقل بركة هذه الأمور وهي الحرث والنسل،
أي الزروع والمواشي تتلف وتنقص وتقل بركتها بسبب الذنوب والمعاصي.
﴿َ
وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ﴾
وإذا كان
لا يحب الفساد فهو يبغض العبد المفسد في الأرض غاية البغض،
وإن قال بلسانه
قولاً حسناً فلا يغرك القول الحسن
إذا كان يسعى في الأرض فساداً ويعمل في الأرض فساداً،
لا يغرك قوله الحسن،
ففي هذه الآية دليل على أن
الأقوال التي تصدر من الأشخاص
ليست دليلاً على صدق
ولا كذب ولابر ولا فجور حتى
يوجد العمل المصدق لها المزكي لها ،
وأنه ينبغي اختبار أحوال
الشهود والمحق والمبطل من الناس بسبر أعمالهم
والنظر لقرائن أحوالهم وأنه لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم٠٠
قال تعالى :
﴿وَإِذا
قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ
وَلَبِئسَ المِهادُ﴾
ثم ذكر ﷲ أن هذا
المفسد في الأرض بمعاصي ﷲ إذا
أُمر بتقوى ﷲ تكبر وأنف
وأخذته العزة بالإثم،
فيجمع بين العمل
بالمعاصي والكِبر على الناصحين،
فحسبُهُ جهنم.
{وَمِنَ
النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيُشهِدُ اللَّهَ عَلى ما
في قَلبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصامِ وَإِذا
تَوَلّى سَعى فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ وَاللَّهُ
لا يُحِبُّ الفَسادَ وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ
اللَّهَ }
كان
موقفه{أَخَذَتهُ
العِزَّةُ بِالإِثم }
لذلك لابد أن نكسرالأصنام التي فينا،
النفس هذه التي
بين جنبيك خطيرة قد تؤذيك،
تُعجب بأقوالك وأعمالك
وأفعالك وردك وكل ما وصلت له،
وهذا كله بفضل ﷲ سبحانه
وتعالى
ولذلك مانقبل النصيحة من
أحد أو ممن هو دوننا،
نرى أننا ارتفعنا.
فهذه منازل أعدها ﷲ
عزوجل نحن لانعلمها،
هذه قلوب بين يدي ﷲ سبحانه
وتعالى لانستطيع أن نشهد لأحد لابجنة ولا بنار،
لذلك لا تقول هذا اقل
مِنّي هذا علمته هذا ربيته
لا
﴿وَإِذا
قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ ُ﴾
أخذته
العزة أخذته الأنفة أخذه الكبر بالإثم فحسبه
ماذا ؟
﴿ِ
فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾
اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض، رب كل شيءٍ
ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف
على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم
ثم قال تعالى : ﴿ِ
فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ ُ﴾
التي
هي دار العاصين المتكبرين ٠٠
{وَلَبِئسَ
المِهادُ﴾
ولبئس
المستقر ولبئس المسكن،
عذاب دائم،
هم لا ينقطع،
يئس مستمر،
لايخفف عنهم العذاب،
ولا يرجون الثواب،
جزاءً لجنايتهم ومقابلةً
لأعمالهم فعياذاً بالله من أحوالهم،
نسال ﷲ العافية والسلامة وأسال ﷲ عزوجل
أن يعافينا من مرض
التكبر ياحي ياقيوم أسال ﷲ عزوجل
إن يسلمنا ويحفظنا من هذا المرض ٠٠
﴿وَمِنَ
النّاسِ مَن يَشري نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءوفٌ بِالعِبادِ﴾
هؤلاء هم الموفقون الذين
باعوا أنفسهم وأرخصوها وبذلوها طلباً لمرضاة ﷲ،
ورجاءً لثوابه،
فهم بذلوا الثمن لرب رؤوف
سبحانه،
الذي من رأفته ورحمته أن
وفقهم ﷲ لذلك،
قد وعد الوفاء بذلك فقال:
{ إن
الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بأن لهم الجنة} ٠٠
ثم قال تعالى بعدها:
﴿يا
أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ادخُلوا فِي السِّلمِ كافَّةً﴾
هذا أمر من ﷲ تعالى للمؤمنين أن
يدخلوا في جميع شرائع الدين ،
لا يتركوا منها شيء {كافة}
وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلههُ هواه ..
إن وافق الأمر المشروع
هواه ؟ فعله
وإن خالفه ؟ تركه
بل الواجب أن يكون الهوى تبعاً للدين
وأن يفعل كل ما يقدر عليه
من أفعال الخير
وما يعجز عنه يلتزمه
وينويه فيدركه بنيته ،،
ولما كان الدخول في السلم كافة لايمكن
ولا يتصور إلا بأمرعظيم ..
ماهو هذا الأمر العظيم؟
لايمكن أن ندخل في السلم
كافة لايمكن ولا يتصور إلا بمخالفة
طرق الشيطان.
﴿ً وَلا تَتَّبِعوا
خُطُواتِ الشَّيطانٌِ﴾
إذا أردت أن تدخل في السلم
كافة ، أبتعد عن طريق الشيطان في العمل بمعاصي ﷲ
﴿ِ
إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ﴾
العدو
المبين لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء ومابه
من الضرر عليك ٠٠
ولما كان العبد لابد أن
يقع منه خلل وزلل ،قال تعالى :
﴿فَإِن
زَلَلتُم مِن بَعدِ ما جاءَتكُمُ البَيِّناتُ فَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ عَزيزٌ
حَكيمٌ﴾ أي
أخطأتم على علم وعلى يقين
﴿ُ
فَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾
وفيه
من الوعيد الشديد والتخويف مايوجب ترك الزلل،
فإن العزيز القاهر الحكيم إذا عصاه العاصي قهره بقوته وعذبه بمقتضى
حكمته فإن من حكمته تعذيب العصاة والجناة ٠٠
ثم قال تعالى :
﴿هَل
يَنظُرونَ إِلّا أَن يَأتِيَهُمُ اللَّهُ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ وَالمَلائِكَةُ﴾
وهذا فيه من الوعيد الشديد والتهديد ما تنخلع له القلوب ..
يقول الله هل ينتظر الساعون في الأرض فساداً المتبعون لخطوات
الشيطان
ذكر ﷲ عزوجل أمرين:
السعي في الأرض بالفساد
،واتباع خطوات الشيطان
أمرين لابد الإبتعاد
عنها
السعي في الأرض بالفساد
أياً كان نوع هذا الفساد
صغيراً كان أو كبيراً دقيقاً
كان او جليلاً فابتعد عنه،
مثل ((نقل
كلام، كذب، غيبة، إفساد زوجة على زوجها، إفساد
أم على ابنها، إفساد
جارة على جارتها، قريبة على
قريبتها ،صديقة على صديقتها، مديرعلى موظفه… .وهكذا
))
وهذا كله من أنواع الفساد
فاحذر أمرين:
السعي في الأرض فساداً
والأمر الثاني:
اتباع خطوات الشيطان
احذر وانتبه أن تتبع خطوات الشيطان،
كتب ﷲ عزوجل عليك اقتراف هذا
الذنب توقف حالاً عن الذنب واستغفر
ﷲ مباشرةً ..
أما المتبعون لخطوات الشيطان النابذون
لأمر ﷲ إلى
يوم الجزاء،
سوف يجازون بالأعمال يوم
الأهوال والشدائد والفضائع،
سيجدون أمر عظيم
إذا تناثرت الكواكب ،وتكور الشمس والقمر، وطويت السماء والأرض، وتنزلت الملائكة
الكرام، فتحيط بالخلائق، وينزل الباري جل وعلا في ظلل من الغمام ليفصل بين عباده
بالقضاء العدل ،
فتوضع الموازين، وتنشر الدواوين، وتبيض وجوه أهل السعادة، وتسود
وجوه أهل الشقاء، ويتميز أهل الخير عن أهل الشر،
وكلٌ يجازى بعمله،
فهنالك يعض الظالم على
يديه إذا علم حقيقة ما هو عليه ولا ينفع الندم.
وفي هذه الآية :
﴿هَل
يَنظُرونَ إِلّا أَن يَأتِيَهُمُ اللَّهُ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ وَالمَلائِكَةُ
وَقُضِيَ الأَمرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرجَعُ الأُمورُ﴾
وماأشبهها دليل لمذهب أهل السنة
والجماعة الذين يثبتون الصفات الإختيارية،
كالإستواء، والنزول،
والمجيء ونحو ذلك من الصفات التي أخبر بها ﷲ تعالى
عن نفسه أو أخبر بها عنه صلى ﷲ عليه
وسلم
فيثبتونها على وجهٍ يليق بجلال ﷲ وعظمته
من غير تشبيهٍ ولا تحريفٍ ولا تعطيلٍ،
خلافاً للمعطلة على
اختلاف أنواعهم
،،
الجهمية،،والمعتزلة ،،والأشعرية ونحوهم…
ممن
ينفون هذه الصفات ويتأولون
لأجلها،
يتأولون الآيات بتأويلات
ما أنزل ﷲ بها
من سلطان
بل حقيقتها القدح في بيان ﷲ تعالى
وبيان رسوله صلى ﷲ عليه وسلم،
والزعم بأن كلامهم هو الذي
تحصل به الهداية،
فهؤلاء ليس معهم دليل لا
نقلي ولا عقلي
أما النقلي فقد اعترفوا أن النصوص الواردة في الكتاب والسنة
ظاهرها بل صريحها دال
على مذهب أهل السنة والجماعة ،
وأنها تحتاج لدلالتها على مذهبهم الباطل أن تخرج عن ظاهرها
ويزاد فيها وينقص،
وهذا كما ترى لايرتضيه من
كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان .
وأما العقلي فليس في العقل مايدل
على نفي هذه الصفات،
بل العقل يدل على أن
الفاعل أكمل من الذي لا يقدر على الفعل
وأن فعله تعالى المتعلق
بنفسه والمتعلق بخلقه هو
كمال ،
فإن زعموا أن إثباتها يدل
على التشبيه بخلقه ،
قيل لهم الكلام
عن الصفات يتبع الكلام عن
الذات،
فكما أن لله ذاتاً لا
تشبهها الذوات ،
فإن لله صفات لا تشبهها الصفات،
فصفاته تبعاً لذاته ،
وصفات خلقه تبعاً لذواتهم،
ليس في إثباتها ما يقتضي التشبيه بوجه،
وكذلك يقال لمن أثبت بعض
الصفات ونفى بعضها أو أثبت الأسماء دون الصفات ،
إما إن تثبت الجميع كما أثبت ﷲ لنفسه
وأثبتها رسوله صلى ﷲ عليه وسلم وإما أن تنفي
الجميع فتكون منكراً لرب العالمين ،
وأما إثباتك لبعض ونفيك لبعض فهذا تناقض ،
ففرق بين ما أثبتّه وما نفيته ولن تجد إلى الفرق سبيلاً .
فإن قلت ما أثبته
لايقتضي تشبيهاً،
قال لك أهل
السنة والإثبات لما نفيته لا
يقتضي تشبيهاً ،
فإن قلت لا أعقل من الذي
نفيته إلا التشبيه، قال لك النفات :ونحن
لا نعقل من الذي أثبته إلا التشبيه
،
فما أجبت به النفات أجابك به أهل السنة لمّا نفيته ،
والحاصل أن من نفى شيئاً وأثبت شيئاً مما
يدل الكتاب والسنة على إثباته فهو متناقض
لا يثبت له دليل شرعي ولا
عقلي بل قد خالف المعقول والمنقول… .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق