الخميس، يونيو 02، 2016

تفريغ سورة البقرة من آية 249 إلى آية 252










الوجه الأربعون من سورة البقرة



يقول تعالى:
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (



أي لما تملك طالوت بني إسرائيل واستقر له الملك تجهزوا لقتال عدوهم 



(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ)

بجنود بني إسرائيل وكانوا عددا كثيرًا و جمعا غفيرا

امتحنهم ملكهم بأمر الله ليتبين الثابت المطمئن ممن ليس كذلك فقال :



(إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي )

فهو عاصٍ ولا يتبعنا لعدم صبره وثباته ولمعصيته 



(إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ)

في بعض الأحيان بعض الابتلاءات



تقترب لك , تصل إلى بيتك بل إلى باب غرفتك

ليمتحن الله عز وجل إيمانك وصبرك



( إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ )

هم ذاهبين إلى معركة في الحر

والتعب والإرهاق الشديد في هذه اللحظة سيمرون على نهر

النهر هذا منه الابتلاء , منعهم الله عز وجل أن يشربوا منه

ابتلاءً وتمحيصا حتى يختبر عز وجل من المؤمن حقًا ومن الذي أقل من ذلك



(إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ)  

لم يطعمه أي لم يشرب منه

(فَإِنَّهُ مِنِّي)


ثم إن الله عز وجل أعطاهم مقياس صغير جدًا قال :

 (إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ (

فقط لا نقبل إلا بهذه , هذه نتجاوز عنها غيرها لا



( إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ )

دائما أحكام الله عز وجل وحدوده تغنينا وتشبعنا وتكفينا لو أننا انتهينا

الغرفة هذه سبحان الله لو أنهم اكتفوا بها لأروتهم 



الموضوع بالبركة

ليس الموضوع  كم لديك من مال أو كم عندك من ولد أو كم بيت أو أي أمر , الموضوع بالبرك ة, أحيانًا ولد واحد يكفيك


هذه الغرفة لم يبحها الله عز وجل إلا ليعلم أنها تكفيهم

لكن النفس لا تشبع



(إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)

فلا جناح عليه في ذلك ولعل الله أن يجعل فيها

بركة فتكفيه


وفي هذا الابتلاء ما يدل على أن الماء قد قلّ عليهم

تصورتهم كيف أن الماء قليل عندهم

ليتحقق الامتحان فعصى أكثرهم فشربوا من النهر الشرب المنهي عنه


فتن ابتلاءات يمحص الله عز وجل الذين آمنوا



ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قتال عدوهم فكان لعدم صبرهم عن الماء ساعةً واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي سيطول وتحصل فيه المشقة الكبيرة.


وكان لرجوعهم عن باقي العسكر ما يزاد به الثابتون توكلا على الله عز وجل وتضرعا واستكانة وتبرأ من حولهم وقوتهم.



اذا تبرأنا من حولنا وقوتنا نحن بخير

فتبرأ من حولك وقوتك فستكون بخير


وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم



فلهذا قال :

( فَلَمَّا جَاوَزَهُ )

أي لما جاوز طالوت النهر



(هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ )

وهم الذين أطاعوا أمر الله عز وجل ولم يشربوا من النهر الشرب المنهي عنه.



اللهم يا ذا الجلال والإكرام أعنّا على فعل الطاعات وجنبنا المعاصي والذنوب.



حدود الله يا اخوة عظيمة

الله عز وجل ما أعطانا الحدود

ليعذبنا بل هي تكفينا , الحلال يكفينا . 





( قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ )



هؤلاء القلة عندما رأوا جالوت وجنوده وعددهم الكبير واستعدادهم

قالوا لا طاقة لكثرتهم وعددهم









(قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللّهِ )



هنا العبرة

لو عندنا حق اليقين أننا سنلاقي الله عز وجل لما فعلنا الذنوب ولا تركنا الواجبات ولا تجاوزنا حدود الله ولا فعلنا الحرام ولا حتى اقتربنا منه



(قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللّهِ )



عندهم يقين

تذكروا اليقين الذي تحدثنا عنه في بداية سورة البقرة ؟

هذا هو اليقين



يستيقنون ذلك وهم أهل الإيمان الثابت واليقين الراسخ مثبتين لباقيهم

ومطمئنين لخواطرهم وآمرين لهم بالصبر



هؤلاء أهل اليقين تجدهم صابرين عند المصائب والبلاء وعندهم يقين ثابت بأن الله عز وجل لم يمنعهم ليعذبهم



( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ )

أي بإرادته ومشيئته فالأمر لله عز وجل

والعزيز من أعزه الله والذليل من أذله الله 

فلا تغني الكثرة مع خذلانه

ولا تضر القلة مع نصره



( قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللّهِ )

لماذا تحزن  لماذا يهمك أمر وهو عند الله عز وجل هيّن





 (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)

بالنصر والمعونة والتوفيق

فأعظم جالب لمعونة الله صبر العبد لله عز وجل

فوقعت موعظته في قلوبهم وأثرت معهم



ولهذا : (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ )



قالوا جميعهم: ( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا )





الذين يظنون أنهم ملاقوا الله أثّروا بالفئة الأخرى التي قالت

(لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ)



  كان لديهم مجموعة اختبارات :



 - أول اختبار لهم عندما بعث لهم الله عز وجل طالوت فقال بعضهم هذا ليس ملك فخرج منهم ما خرج.



ثم اختبرهم الله تعالى باختبار ثاني

اختبارات تتوالى ليمحص من الذي سيبقى حقا

فالعبرة ليست بالكثرة أحيانا تجد الكثرة معك واذا اشتغلت لا تجد أحدا يقف معك .



- أما الاختبار الثاني لما مروا على النهر



- والاختبار الثالث لما رأوا جالوت وجنوده





في فئة قالت :  ( لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ )

الفئة الأخرى قالت : (قال الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )



- الفئة الأولى كانوا يخافون من الخلق

- والفئة الأخرى كانت تخاف من الله عز وجل



كان لديهم يقين بأن الله عز وجل سيكون معهم,

كان لديهم يقين بلا شك بأن النصر سيكون حليفهم لأنهم على الحق,

كان لديهم يقين.



اذا العبرة  باليقين  وسوف ترى النتيجة بإذن الله



اذا كان لديك أي أمر تطلبه من الله أطلبه بيقين منه سبحانه.

تيقن بأن الله سيعطيك هذا الشيء وأن الله لن يحرمك منه إلا رحمة بك



(قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا )

قالوا جميعهم لأن الفئة الأخرى تأثرت بالفئة الصالحة التي لديها يقين كبير.



(أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا )

أي قوي قلوبنا يالله وأوزعنا الصبر



(وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا )

عن التزلزل والفرار





(وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )





من هنا نعلم أن جالوت وجنوده كانوا كفار

فاستجاب الله لهم ذلك الدعاء لإتيانهم بالأسباب الموجبة لذلك ونصرهم عليهم





(فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ)

استجاب الله عز وجل دعائهم



(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي(



اجعل لديك ثقة بالله استجيب لأوامره وسوف يستجيب لدعائك



(وَقَتَلَ دَاووُدُ جَالُوتَ)

كان مع داوود عليه السلام جنود طالوت كلهم قتلوا

جالوت وكان الذي قتل جالوت هو طالوت أي باشر بقتل ملك الكفار بيده لشجاعته وقوته وصبره



( وَآتَاهُ اللَّهُ )

وآت الله عز وجل داوود 





(وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ )

أي منّ الله عليه بالملك على بني إسرائيل مع الحكمة وهي النبوة  المشتملة على الشرع العظيم والصراط المستقيم



(وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ)

من العلوم الشرعية والسياسية



فجمع الله له الملك والنبوة وقد كان من قبله من الأنبياء يكون الملك لغيرهم 



فلما نصرهم الله تعالى اطمئنوا في دارهم وعبدوا الله آمنين مطمئنين لخذلان أعدائهم وتمكينهم من الأرض وهذا كله آثار الجهاد في سبيل الله فلو لم يمكن لم يحصل ذلك



لذلك قال الله عز وجل:

( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ(



أي لولا أن يدفع بمن يقاتل في سبيله كيد الفجّار وتكالب الكفار لفسدت الأرض باستيلاء الكفار عليها



(وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(

حيث شرع لهم الجهاد الذي فيه سعادتهم والمدافعة عنهم ومكّنهم من الأرض بأسباب يعلموها وأسباب لا يعلموها



(تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ(

أي بالصدق الذي لا ريب فيه المتضمن للاعتبار والاصطبار وبيان حقائق الأمور

فهي تتضمن حتى نعتبر ونستبصر حتى تستبين حقائق الأمور



(وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)

فهذه شهادة من الله عز وجل لرسوله برسالته التي من جملة أدلتها ما قصه الله من أخبار الأمم السابقة والأنبياء واتباعهم وأعدائهم التي لو لم يخبر الله بها رسوله لما كان عنده بذلك علم



بل لم يكن في قومه من عنده شيء من هذه  الأمور فدل على أنه رسول الله حقا وبنيه صدقا الذي بعثه بالحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون



وإلا من أخبر محمد بتلك الأمور ؟





سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك








ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق