الخميس، يونيو 02، 2016

تفريغ سورة البقرة من آية 257 إلى آية 259







الوجه الثاني والأربعون من سورة البقرة


يقول تعالى :
( اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) 


لما ذكر الله عز وجل الغاية لمن استمسك بالعروة الوثقى ولمن من لم  يستمسك بها ذكر السبب الذي أوصلهم إلى ذلك فقال:
( الله ولي الذين آمنوا )


وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا،

قد اتخذوه حبيبا ووليا، و والوا أولياءه وعادوا أعداءه، فتولاهم الله عز وجل  بلطفه ومنَّ عليهم بإحسانه، فأخرجهم من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم،

وكان جزاؤهم على هذا أن سلمهم من ظلمات القبر والحشر والقيامة إلى النعيم المقيم والراحة والفسحة والسرور


( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت )
على الضد تماما

يا اخوة مرتبه الولاية مرتبة عظيمة جدا إن يكون الله عز وجل وليك في كل أمر وفي كل شان 

( الله ولي الذين آمنوا )

مانتيجة هذه الولاية ؟

(يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ )

إذا كان مازلنا نتخبط في الظلمات فنحن لم يتولانا الله عز وجل الذي تولاهم يخرجهم من الظلمات إلى النور لا يتخبطون
أبدا على الضد من ذلك الذين كفروا :

 ( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت )
عكس تماما

( يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ )
لو كان عندهم بصيص نور فهم بصيص علم يذهب هذا بكفرهم



( أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
فتولوا الشيطان وحزبه، واتخذوه من دون الله وليا ووالوه وتركوا ولاية ربهم وسيدهم،

فسلط الله عليهم عقوبة لهم فكانوا يؤزونهم إلى المعاصي أزا، ويزعجونهم إلى الشر إزعاجا، فيخرجونهم من نور الإيمان والعلم والطاعة إلى ظلمة الكفر والجهل والمعاصي، فكان جزاؤهم على ذلك أن حرموا الخيرات، وفاتهم النعيم والبهجة والمسرات، وكانوا من حزب الشيطان وأولياءه في دار الحسرة و الندامة 

فلهذا قال تعالى: ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .



ثم قال تعالى :

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )


(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ )
إمام الموحدين
أبينا إبراهيم عليه السلام 

يقول تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ )
أي: إلى جراءته وتجاهله وعناده ومحاجاته فيما لا يقبل التشكيك، وما حمله على ذلك ما السبب يا رب الذي حمله على ذلك انه يشكك في وجود الخالق سبحانه وتعالى ؟ كيف وصل به الأمر  إلى إن يشكك في وجود الخالق  سبحانه مع انه  كل الدلالات و البراهين تدل على انه يوجد خالق يدبر هذا الكون سبحانه جل وعلى الذي جعله يشك


( أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ )
فطغى وبغى إذا نعيد ونزيد ونقول أن الكبر
هو رأس البلايا هو رأس الشر

فطغى وبغى ورأى نفسه مترأسا على رعيته، فحمله ذلك على أن حاج إبراهيم في ربوبية الله عز وجل  فزعم أنه يفعل كما يفعل الله،

فقال إبراهيم:
(رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ )
هذا إبراهيم إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام نبينا إبراهيم


هو المنفرد بأنواع التصرف، وخص منه الإحياء والإماتة لكونهما أعظم أنواع التدابير،

ولأن الإحياء مبدأ الحياة الدنيا والإماتة مبدأ ما يكون في
الآخرة،

فقال ذلك المحاج:
(أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)
ولم يقل أنا الذي أحيي وأميت،

لأنه لم يدّع الاستقلال بالتصرف، لم ينفي عن الله عز وجل انه يحيى ويميت لا لم ينفي إنما قال إنا كذلك احيي وأميت


وإنما زعم أنه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه،

وهذا الكفر الآن ,  والمستجدات الكفرية الجديدة أنهم يزعمون أنهم يعرفون كما يعرف الله ويخلقون كما يخلق الله ويدبرون أمورهم كما يدبره الله عز وجل

كذبوا والله ,  تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

يعتبرون إخوان النمرود في ذلك

وإنما انه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه
      فزعم أنه يقتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه،


فلما رأى إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون شبهة فضلا عن كونه حجة،

اطرد معه في الدليل :
فـ (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ )

(تلك حجتنا اتيناها إبراهيم)  

(فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ )
أي: عيانا يقر به كل أحد حتى الكافر

(فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)
وهذا إلزام له بطرد دليله إن كان صادقا في دعواه،
فلما قال له أمرا لا قوة له في شبهة تشوش دليله، ولا قادحا يقدح في سبيله : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ )

فما استطاع أن يجيب  ما يقدر ما يستطع  تحيّر

فلم يرجع إليه جوابا وانقطعت حجته وسقطت شبهته،
وهذه حالة المبطل المعاند الذي يريد أن يقاوم الحق ويغالبه، فإنه مغلوب مقهور،

فلذلك قال تعالى:
 ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
ليس لهم هداية أصلا
يا اخوة اذا منعنا الله من الهداية من يهدينا ؟
الظالمين لا يهديهم الله عز وجل فمن اين لهم الهداية
أنّى ان تأتيهم هداية

بل يبقيهم على كفرهم وضلالهم، وهم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك، وإلا فلو كان قصدهم الحق والهداية لهداهم الله اليه

أي احد يسعى للهداية يصل اليها 
وييسر الله لهم أسباب الوصول إليها

ففي هذه الآية برهان قاطع على تفرد الرب بالخلق والملك  والتدبير، ويلزم من ذلك أن نفرده بالعبادة والإنابة والتوكل عليه في جميع الأحوال،

وفي هذه المناظرة يقول ابن القيم نكتة لطيفة جدا
وهي أن شرك العالم إنما هو مستند إلى عبادة الكواكب والقبور،
ثم صورت الأصنام على صورها، فتضمن الدليلان اللذان استدل يهما إبراهيم إبطال إلاهية تلك جملة , بأن الله وحده هو الذي يحيي ويميت، ولا يصلح الحي الذي يموت أن يكون إله لا في حال حياته ولا بعد موته، فإن له ربا قادرا قاهرا متصرفا فيه إحياء وإماتة، ومن كان كذلك فكيف يكون إله حتى يتخذ الصنم على صورته، ويعبد من دونه، وكذلك الكواكب أظهرها وأكبرها هي الشمس وهي مربوبه مدبرة مسخرة، لا تصرف لها بنفسها بوجه ما، بل ربها وخالقها سبحانه يأتي بها من مشرقها فتنقاد لأمره ومشيئته، فهي مربوبه مسخرة
مدبرة، لا إله يعبد من دون الله.
(من كتاب مفتاح دار السعادة)




ثم قال الله تعالى :

(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  ) .


وهذا أيضا دليل آخر على توحيد الله بالخلق والتدبير والإماتة والإحياء

هذه الآن دليلين كلها تدل على أن الله عز وجل هو الخالق المدبر المحيي سبحانه عز وجل المميت 

(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا )
أي: قد باد أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها، فلم يبق بها أنيس بل بقيت موحشة من أهلها مقفرة، فوقف عليها ذلك الرجل متعجبا و :
( قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا )

استبعادا لذلك وجهلا بقدرة الله تعالى،
فلما أراد الله به خيرا أراه آية في نفسه وفي حماره ، وكان معه طعام وشراب،

وكان يستفسر استفسار يريد أجابه لم يكن معاند لم يكن جبار لم يكن يضع نفسه في مقام الله عز وجل
لا كان يسال يريد اجابه فدله الله عز وجل

فوقف عليها هذا الرجل فـ
(قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا)

( فَأَمَاتَهُ اللَّهُ )
عز وجل ,
لماذا ؟ لأنه كان يريد اجابه و كان صادقا


(فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ )

استقصار لتلك المدة التي مات فيها
كان يتوقع أنه نام فترة قليله جدا

قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم
لكونه قد زالت معرفته وحواسه وكان عهد حاله قبل موته،

فقيل له:

 ( بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)
أي: لم يتغير بل بقي على حاله على تطاول السنين واختلاف الأوقات عليه، ففيه أكبر دليل على قدرته جل وعلا حيث أبقاه وحفظه عن التغير والفساد، مع أن الطعام والشراب من أسرع
الأشياء فسادا

( وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ )
وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت
عظامه، وتفرقت أوصاله

(وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ )
على قدرة الله وبعثه الأموات من قبورهم، لتكون نموذجا محسوسا مشاهدا بالأبصار، فيعلموا بذلك صحة ما أخبرت به الرسل

( وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا )
أي: ندخل بعضها في بعض، ونركب بعضها ببعض

(ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا )
فنظر إليها عيانا كما وصفها الله تعالى

( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ )
ذلك وعلم قدرة الله تعالى

(قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  )

والظاهر من سياق الآية أن هذا رجل منكر للبعث أراد
الله به خيرا، وأن يجعله آية ودليلا للناس لثلاثة أوجه

أحدها قوله : ( أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا )
ولو كان نبيا أو عبدا صالحا لم يقل ذلك،


والثاني: أن الله أراه آية في طعامه وشرابه وحماره ونفسه ليراه بعينه فيقر بما أنكره،

ولم يذكر في الآية أن القرية المذكورة عمرت وعادت إلى حالتها، ولا في السياق , لأنه لا يوجد فائدة أصلا من أجل ذلك القرية لم تذكر ولا في أي فائدة من ذكرها 

ما الفائدة الدالة على إحياء الله للموتى في قرية خربت
ثم رجع إليها أهلها أو غيرهم فعمروها ؟

وإنما الدليل الحقيقي في إحيائه وإحياء حماره وإبقاء طعامه وشرابه بحاله، والذي يظهر لي والله اعلم انه كان يستفسر يريد إجابة , كان يستفسر يريد الحق فدله الله سبحانه وتعالى 

أي احد يبتغي الحق يريد الهدى يريد الرشاد يصل إليه
لكن فقط يفعل الأسباب ويتوكل على الله عز وجل
وستصل بإذن الله


( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ)
أي: تبين له أمر كان يجهله ويخفى عليه، فعلم بذلك صحة
ما ذكرناه، والله أعلم.

فلما تبين له وتوضح له بالفعل  كيف يحيى الله الموتى : 

( قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
فقرر بربوبية الله عز وجل و ألوهيته سبحانه وتعالى
و انه الخالق المدبر المالك سبحانه وتعالى

و إننا لا نستطيع أبدا نحن الفقراء وهو الغني سبحانه
لا يستطيع أي إنسان إن يدبر في هذا الكون
ولا يستطيع أي إنسان إن يخلق في هذا الكون إنما هو الله جل وعلا

إما الآن الكفريات الجديدة التي تحصل وتهويل وتعظيم من شان هذا الإنسان و التكبير منه وانه يستطيع إن يفعل ويفعل حتى
انه يستطيع إن يغير أقداره
هذه كلها مناقبه لتوحيد  التوحيد

  فنخشى على أنفسنا من الشرك  إذا وقعنا في مثل هذه الأمور

فلينتبهوا إلى من ينادي بعلم الطاقة
فليحذروا من هذه الأمور
كلها أمور شركيه أتت من البوذيين من الهند والصين
أتت إلينا ليس لها أي استناد لا شرعي ولا عقلي ولا علمي

لا نعرف من أين مصدرها
مصدرها كلها من علماء بوذيين علماء غير شرعيين علماء لا يعرفون الله سبحانه وتعالى 

هل يعقل ان نأخذ عباداتنا ونأخذ مثل الرياضات الآن مثل رياضه اليوقا, كل هذه الأمور هل يعقل نأخذها من أناس لا يعرفون الله تعالى همج

بعضهم حتى يعبد النار أو يعبد الشمس
كيف تأخذ هذه منهم ولم يذكر أنهم أهل علم و أهل  ومعرفة أبدا

فنسال الله عز وجل السلامة و العافية



يحي  يا قيوم اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين اللهم انصر أخوننا المجاهدين
على عدوهم وعدوك

وصل الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين سبحانك
اللهم بحمدك اشهد إن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق