السبت، يونيو 04، 2016

تفريغ سورة البقرة من آية 270 إلى آية 274







الوجه الخامس والأربعون من سورة البقرة


( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) .

هذا يعطينا دلالة على أن الله عز وجل يعلم المخلص من الكاذب من غيره , الله عزوجل لن يظلمنا يوم القيامة وسيوفينا أجورنا كاملة

( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ )

وهذا فيه المجازاة على النفقات، واجبها ومستحبها ، قليلها وكثيرها ، التي أمر الله بها ، والنذور التي ألزمها المكلف نفسه ،
لأن النذر من المكلف نفسه فهو الذي ألزم نفه به

وإن الله تعالى يعلمها فلا يخفى عليه منها شيء، ويعلم ما صدرت عنه، هل هو الإخلاص أو غيره ، فإن صدرت عن إخلاص وطلب لمرضاة الله جازى عليها بالفضل العظيم والثواب الجسيم،

وإن لم ينفق العبد ما وجب عليه من النفقات ولم يوف ما أوجبه على نفسه من المنذورات ، أو قصد بذلك رضى المخلوقات ، فإنه ظالم قد وضع الشيء في غير موضعه، واستحق العقوبة البليغة، ولم ينفعه أحد من الخلق ولم ينصره،
فلهذا قال:
( وما للظالمين من أنصار ) .
فالظالمين لن يجدوا لهم أنصار يوم القيامة


(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .


أي: ( إن تبدوا الصدقات )
فتظهروها وتكون علانية حيث كان القصد بها وجه الله

( فنعما هي )
أي: فنعم الشيء ( هي ) لحصول المقصود بها

يعني حصلت مقصود الصدقة
ليست المشكلة أنك أبديت الصدقة أو أخفيتها المشكلة ما المحرك لك أثناء الصدقة , لماذا تصدقت , وحتى بعد ماتصدقت كيف كان شعورك , هل بحثت عن رضا المخلوق ؟ هل استأنست وفرحت من مدح وثناء الناس لك ؟ هل الناس يحركونك في هذا ؟

( وإن تخفوها )
أي: تسروها

( وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم )

فصدقة السر هي أبعد عن ثناء الناس , حتى أسلملك أنت , لأن في بعض الأحيان نحن نظن أننا لا نغتر بكلام الناس , واذا بنا نغتر ويحركنا مدح وثناء الناس

ففي هذا أن صدقة السر على الفقير أفضل من صدقة العلانية، وأما إذا لم تؤت الصدقات الفقراء فمفهوم الآية أن السر ليس خيرا من العلانية، فيرجع في ذلك إلى المصلحة، فإن كان في إظهارها إظهار شعائر الدين وحصول الاقتداء ونحوه، فهو أفضل من الإسرار،

اذا رأيت الناس لا تتصدق , اذا رأيت الناس لا تهتم بالفقراء ولا يسألون عنهم , فالأفضل العلانية

أما اذا رأيت الناس تتصدق والفقراء يٌعطوا , فالأفضل لك السر

ودل قوله: ( وتؤتوها الفقراء )
على أنه ينبغي للمتصدق أن يتحرى بصدقته المحتاجين، ولا يعطي محتاجا وغيره أحوج منه،

ولما ذكر تعالى أن الصدقة خير للمتصدق ويتضمن ذلك حصول الثواب قال: ( ويكفر عنكم من سيئاتكم )
ففيه دفع العقاب

( والله بما تعملون خبير )
عندما يكفر الله عنك السيئات يدفع عنك العقاب , يدفع عنك البلاء , يدفع عنك العذاب , يدف عنك الأمراض , يدفع عنك بعض الأحيان الأشرار

( ويكفر عنكم من سيئاتكم )
وهذا فيه دفع العقاب
نحن نعلم أن بعض البلايا التي تأتينا من ذنوبنا
فعندما يكفر الله عز وجل ذنوبنا هنا يدفع عنا العقاب

( والله بما تعملون خبير )
من خير وشر، قليل وكثير والمقصود من ذلك المجازاة.



( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ )
هذه الآية يا اخوة آية عظيمة جدا في الصدقة فيفترض علينا أننا نعطي قدرا كبيرا من تفكيرنا في الصدقة

( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ )
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس عليك هدي الخلق، وإنما عليك البلاغ المبين،

هذا الكلام لمحمد صل الله عليه وسلم فكيف لنا نحن ؟

والهداية بيد الله تعالى ، ففيها دلالة على أن النفقة كما تكون على المسلم تكون على الكافر ولو لم يهتد، فلهذا قال:
( وما تنفقوا من خير )
أي: قليل أو كثير على أي شخص كان من مسلم وكافر

( فلأنفسكم ) أي: نفعه راجع إليكم

( وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله )
هذا إخبار عن نفقات المؤمنين الصادرة عن إيمانهم أنها لا تكون إلا لوجه الله تعالى، لأن إيمانهم يمنعهم عن المقاصد الردية ويوجب لهم الإخلاص

( وما تنفقوا من خير يوف إليكم )
يوم القيامة تستوفون أجوركم

( وأنتم لا تظلمون )
أي: تنقصون من أعمالكم شيئا ولا مثقال ذرة، كما لا يزاد في سيئاتكم.

( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )


ثم ذكر مصرف النفقات الذين هم أولى الناس بها فوصفهم بست صفات

- أحدها الفقر،
- والثاني قوله : ( أحصروا في سبيل الله ) أي: قصروها على طاعة الله من جهاد وغيره ، فهم مستعدون لذلك محبوسون له،
وأيضا ليس فقط أحصروا بل أحصروا في سبيل الله
ما السبب ؟ في سبيل الله
لعملهم لله عز وجل
من جهاد وغيره

- الثالث عجزهم عن الأسفار لطلب الرزق فقال: ( لا يستطيعون ضربا في الأرض ) أي: سفرا للتكسب،

- الرابع قوله : ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف )
وهذا بيان لصدق صبرهم وحسن تعففهم.

- الخامس: أنه قال:
( تعرفهم بسيماهم ) أي : بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم،
وهذا لا ينافي قوله : ( يحسبهم الجاهل أغنياء ) فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه، وأما الفطن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم،
اذا الله سبحانه وتعالى خص الجاهل قال أن الجهل لا يعرفهم
لكن المتفرس الفطن سيعرفهم

- السادس قوله: ( لا يسألون الناس إلحافا )
أي: لا يسألونهم سؤال إلحاف، أي: إلحاح،
بل إن صدر منهم سؤال إذا احتاجوا لذلك لم يلحوا على من سألوا،

فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات
لما وصفهم به من جميل الصفات،

وأما النفقة من حيث هي على أي شخص كان، ف
هي خير وإحسان وبر يثاب عليها صاحبها ويؤجر،
فلن يضيع الله صدقتك في أي مكان ذهبت
وعلى أي شخص رحلت
فلهذا قال: ( وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم ) .



( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ  )

ثم ذكر حالة المتصدقين في جميع الأوقات على جميع الأحوال فقال: ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله )
أي: طاعته وطريق مرضاته، لا في المحرمات والمكروهات وشهوات أنفسهم

( بالليل والنهار سرا وعلانية )
الله أكبر هل هناك من يتصدق في الليل والنهار سرا وعلانية ؟
نعم

( فلهم أجرهم عند ربهم )
أي: أجر عظيم من خير عند الرب الرحيم

( ولا خوف عليهم )
إذا خاف المقصرون

( ولا هم يحزنون )
إذا حزن المفرطون، ففازوا بحصول المقصود المطلوب، ونجوا من الشرور والمرهوب،

ولما كمل تعالى حالة المحسنين إلى عباده بأنواع النفقات ذكر حالة الظالمين المسيئين إليهم غاية الإساءة.

فقال : ( الذين يأكلون الربا )
وهذا في الوجه الأخر

لكن الآن الله عز وجل اختتم , الصالحين المتصدقين المنفقين
صفاتهم وعلى من تجب الصدقة وماذا لهم من الأجور العظيمة وتكلم عن الصدقة وحالاتها

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك






هناك تعليق واحد