الأربعاء، يوليو 13، 2016

تفريغ سورة ال عمران من آية 116 الى آية 121






تفريغ سورة ال عمران من آية  116 الى آية 121

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۚ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

يخبر تعالى أن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، أي: لا تدفع عنهم شيئا من عذاب الله، ولا تجدي عليهم شيئا من ثواب الله،

 كما قال تعالى:{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا }
إذن المعيارين التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى  زلفى هي : الإيمان والعمل الصالح .
بل قد تكون الأموال والأولاد زادا إلى النار وحجة عليهم في زيادة نعم الله تعالى عليهم ,
 تقتضي منهم شكرها ويعاقبون على عدم القيام بها وعلى كفرها 
ولهذا قال سبحانه :
   (أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

( مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

 ضرب الله مثلا لما ينفقه الكفار من أموالهم التي يصدون بها عن سبيل الله 
ويستعينون بها على إطفاء نور الله،
 بأنها تبطل وتضمحل، كمن زرع زرعا يرجو نتيجته ويؤمل إدراكه ، 
فبينما هو كذلك إذ أصابته ريح فيها صر، أي: برد شديد محرق، فأهلكت زرعه، ولم يحصل له إلا التعب والعناء وزيادة الأسف، فكذلك هؤلاء الكفار
 الذين قال الله فيهم: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ }  
بأبطال أعمالهم وما ظلمهم الله بإبطال اعمالهم بل هذا جزاء فعلهم فقال الله تعالى :
( بل كانوا أنفسهم يظلمون )
 هم الذين ظلموا أنفسهم  حيث كفروا بآيات الله وكذبوا رسله وحرصوا على إطفاء نور الله،
 هذه الأمور التي  هي التي أحبطت أعمالهم وذهبت بأموالهم

لذلك يقول الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ )

النهي عن إتخاذ غيرالمؤمنين بطانه قال تعالى ذلك ناهيا عباده المؤمنين 
عن إتخاذ المنافقين بطانه أي يطلعونهم على سرائرهم وما يضمرونه لاعداءهم والمنافقون بجهدهم وطاقتهم لايألون المومنين خبالا أي يسعون في مخالفتهم ومايضرهم بكل ممكن
   وبما يستطيعون من المكر والخديعة ويودون مايعنت المؤمنين 
ويحرجهم ويشق عليهم ...
"لاتتخذوا بطانة من دونكم " أي من غيركم من اهل الأديان ...
وبطانة الرجل هم خاصة أهله الذين يطلعون على داخلة أمره  ..


وقد روى البخاري والنسائي وغيرهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : 
مابعث الله من نبي ولا استخلف خليفة إلا كان له بطانتان بطانة تامره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالسوء وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله .
قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إن هاهنا غلام  من أهل الحيرة
 حافظا كاتب فلو اتخذته كاتبا , قال : قد اتخذت اذا بطانة من دون المؤمنين .

فبهذا الأثر مع هذا دليل على أنّ اهل الذمة لايجوز استعمالهم في الكتابة التي فيها 
 استطالة على المسلمين واطلاع على دواخل أمورهم التي يخشى أن يفشوها 
إلى الأعداء من أهل الحرب .
ولذلك قال تعالى (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)
 أي قد لاح على صفحات  وجوههم مع ماهم مجتمعين عليه في صدورهم
 من البغضاء للإسلام
 وأهله وما لايخفى منه على لبيب عاقل ولهذا قال : ( قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) .

( هَا أَنتُمْ هولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )

أي انتم أيها المؤمنون تحبون المنافقون بما يظهرون لكم من الإيمان فتحبونهم على ذلك
 وهم لايحبونكم لا باطنا ولا ظاهرا , 

"وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ "
 أي ليس عندكم في شيء منه شك ولا ريب وهم عندهم الشك والريب والحيره.

قال ابن عباس تؤمنون بالكتاب كله أي بكتابكم وكتابهم و بما مضى من الكتب 
قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم فأنتم أحق بالبغضاء لهم  منهم لكم .

( وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ  )

الأنامل :أطراف الأصابع وهذا شأن المنافقين يظهرون من الإيمان والموده وهم باطنهم بخلاف ذلك من كل وجه
 وذلك أشد الغيظ والحنق .

 قال تعالى( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور)
أي مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين بغيظكم بذلك منهم فاعلموا أن الله متم نعمته على عباده المؤمنين 
ومكمل دينه ومعلي كلمته ومظهر دينه فموتوا انتم بغيظكم ,
" إن الله عليم بذات الصدور" 
 أي هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم وتكنه سرائركم من البغضاء والحسد
 والغل للمؤمنين وهو مجازيكم عليه في الدنيا بأن يريكم خلاف ماتؤملون وفي الآخرة بالعذاب الشديد في النار
 التي انتم خالدون فيها فلا خروج لكم منها .


ثم قال الله تعالى:
(إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ )

وهذه الحال دالة على شدة العدواة منهم للمؤمنين وهو أنه إذا أصاب المؤمنين خصب ونصر وتأييد وعز ونصر ساء ذلك المنافقين وحزن المنافقين أشد الحزن ,
وإن أصاب المسلمين جذر وجدب فرح الأعداء
 اذا لما في ذلك لله تعالى من الحكمه مما جرى يوم أحد فرح المنافقون بذلك
 قال تعالى مخاطبا عباده المؤمنين "وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا "
يشهد الله تعالى إلى  السلامة من شر الأشرار وكيد الفجار باستعمال الصبر والتقوى والتوكل على الله تعالى
 وهو الذي محيط باعداءهم فلا حول ولاقوة لهم إلا به .

النصر يأتي من الصبر والتقوى وهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا يقع شيء في الوجود إلا بتقدير 
 وبمشيئته ومن توكل عليه كفاه .


ثم شرع الله تعالى في قصة أحد وماكان فيها من الإختبار لعباده المؤمنين والتميز بين المنافقين وصبر الصابرين
 فقال :

( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

والمراد هنا هي الوقعة يوم أحد عند الجمهور قالها  ابن عباس وقال الحسن وقتادة والسدي وغيرهما 
وكانت وقعة أحد يوم السبت من شوال الثالثة من الهجره ,
قال عكرمة يوم السبت من شوال والله أعلم .
وكان سببها أن المشركين حين قتل من قتل من اشرافهم يوم بدر وسلمت العير
 بما فيها من التجاره من البضاعة التي كانت مع أبي سفيان لما رجع قفلهم  إلى مكه  , 
قال أبناء من قتل ورؤساء من بقي لأبي سفيان ارصد هذه الأموال لقتال محمد ..
 فانفقوها في ذلك فجمعوا الجموع والاحابيش واقبلوا و في نحوهم ثلاثة آلاف
 حتى نزلوا قريبا من أحد تلقاء المدينة  فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة , 
فلما فرغ منها صلى على رجل من بني النجار يقال له مالك بن عمرو فاستشار الناس ايخرج إليهم
 أو يمكثوا في المدينة ,  فأشار عبد الله بن أبي بالبقاء في المدينة فإن أقاموا أقاموا بشر محبس
 وإن دخلوها قاتلهم الرجال في وجيههم ورموهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم
  وإن رجعوا رجعوا خائبين  ...
وأشار آخرون من الصحابة ممن لم يشهدوا بدر بالخروج إليهم ,
 فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لآمته وخرج عليهم و قد ندم بعضهم
 فقالوا لعلنا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يارسول الله إن شئت أن نمكث ,
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماينبغى لنبي اذا لبس لآمته (اي لامة الحرب ) أن يرجع حتى يحكم الله له .
فسار عليه الصلاة والسلام في الف من أصحابه فلما كانوا  بالشوط
 ورجع عبد الله بن أبي في ثلث الجيش مغضبا لكونه لم يرجع الى قوله.. 
 فقال له أصحابه لو نعلم اليوم قتالا لاتبعناكم فقال عبد الله بن أبي : لو نعلم قتالا لاتبعناكم ولكنا  لانزال 
لانراكم تقاتلون اليوم .. 
واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا حتى نزل الشعب 
من أحد في عدوة الوادي وجعل ظهره  و عسكره  لأحد 
فقال :
 لايقاتلن أحدا حتى نأمره بالقتال , 
وتهيأ صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبع مئة من أصحابه رجعوا ثلاث مئة مع عبد الله بن أبي من المنافقين ومن معه من المنافقين وأمّر على الرماة  عبدالله ابن جبير أخى بني عمرو بن عوف
 والرماة يومئذ خمسون رجلا فقال لهم صلى الله عليه وسلم انضحوا الخيل عنا
 ولا نؤتين من قبلكم والزموا مكانكم إن كانت النوبة لنا أو علينا وإن رأيتمونا تخطفنا الطير لاتبرحوا مكانكم .
وظاهر الرسول صلى الله عليه وسلم بين ذرعين وأعطى اللواء مصعب ابن عمير 
أخى ابي عبد الدار واجاز الرسول بعض الغلمان 
حتى امضاهم يوم الخندق بعدها فاليوم قريب من سنتين وتعبأت قريش
 وهم ثلاثة آلاف ومعهم مئتا فارس قد جنبوها فجعلوها على ميمنة  الخيل خالد ابن الوليد 
وعلى الميسره عكرمة بن أبي جهل ودفعوا إلى بني عبد الدار اللواء فكان بين الفريقين ما سيأتي

 ولهذا قال تعالى :
 (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ )

وضع النبي صلى الله عليه وسلم كل صحابي على جبل وهم الرماة في مكانه .
وأمّر عليهم عبد الله ابن جبير ,
أي تبؤي المؤمنين أي تنزلهم و ترتبهم كل شخص المقعد اللائق به وتجعلهم ميمنة وميسره و حيث امرتهم .
 وفي هذا أعظم مدح للنبي صلى الله عليه وسلم حيث هو الذي يباشر تدبيرهم
 واقامتهم في مقاعد القتال هو بنفسه وزعهم وجعل لهم  مقاعد خاصه 
جعل لكل واحد من الصحابة مكان مخصص ونظم مكانهم  ...
وهو الذي صلى الله عليه وسلم  باشر عليه السلام هذه المهمه لم يوكلها لأي شخص آخر 
وما ذاك إلا لكمال علمه ورأيه وسداد  نظره وعلو همته 
حيث يباشر هذه الأمور بنفسه وشجاعتة الكاملة صلوات الله وسلامه عليه
 والله سميع لجميع المسموعات و منه مايقوله المؤمنون والمنافقون كلا يتكلم بحسب مافي قلبه 
عليم بنيات العبيد فيجازيهم .

النيه قد لاينطق بها لكن الله عزوجل عليم بما في القلوب عليم بما في  الصدور

 ( وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) : 

سميع لما تقولون , عليم بضمائركم ,
 عليم بما في النفوس فيجازيهم عليهم أتّم الجزاء 
 فالله سميع عليم سبحانه جل وعلا 
يتولى تدبير أموركم ويؤيدكم بنصره كما قال تعالى لموسى وهارون
(إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ) سورة طه آية 46 .

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق