بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
الوجه الثاني عشر من سورة آل عمران
لما أنكرَ اللهُ عزَّ وجلَّ على من أرادَ دينًا سوى دينِ اللهِ عزَّ وجلَّ الذي أنزلَ به كتبَهُ، وأرسلَ بهِ رسلَهُ، وهو عبادةُ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لهُ،
{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ
مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }
أي استسلمَ له من فيها طوعًا وكرهًا؛
فالمؤمنُ مستسلمٌ بقلبِهِ وقالَبِهِ،
والكافرُ مستسلمٌ للهِ كرهًا، فإنَّهُ تحت التَّسخيرِ
والقهرِ والسلطانِ العظيمِ، الذي لا يُخالَفُ ولا يُمانَعُ.
قالَ اللهُ تَعالَى:
( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا
وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ
لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )( 84)
يقولُ
ابنُ عباسٍ في قولِهِ:
{
وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا }
حين
أخذَ الميثاقَ .
{
وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون }:
أي
يومَ المعادِ، فيجازِي كلًا بعملِهِ.
ثمَّ
قالَ :{ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا }:
وما أُنزلَ
علينا: يعني القرآنُ،
ما
الذي أُنزِلَ على أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ من الكتبِ؟
القرآنُ.
{ وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ }:
أي: من الصًّحفِ والوَحيِ،
{ وَالْأَسْبَاطِ }:
وهم بطونُ بني إسرائيلَ المتشَّعبةِ من أولادِ إسرائيلَ
- واسرائيلُ هو يعقوبُ، وأبناؤُهُ: الاثنَي عشرَ.
{ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ }:
يعني: بذلك التَّوراةَ والإنجيلَ.
{ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ }:
وهذا يعمُّ جميعَ الأنبياءِ جملةً.
{ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ }:
يعني: بل نؤمنُ بجميعِهِم
{ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }:
مُنقادُون،
فالمُؤمنُون من هذهِ الأمَّةِ، يؤمنُون بكلِّ نبيِّ
أُرسِلَ، وبكلِّ كتابٍ أُنزِلَ، لا يكفرون بشيءٍ من ذلكَ، بل هم مصدِّقُون بما
أُنزِلَ من عندِ اللهِ، وبكلِّ نبيٍّ بعثَهُ اللهُ.
يقولُ اللهُ تَعالَى:
( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )( 85)
ثم قالَ تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ
دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ }:
أي : من سلكَ طريقًا سوى ما شرعَهُ اللهُ، فلنْ يُقبَلَ
منهُ.
{ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }:
كما قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ في
الحديثِ الصَّحيحِ:
" مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا فهو رَدٌّ
".
{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن
يُقْبَلَ مِنْهُ }:
أي: من يدينُ للهِ بغيرِ دينِ الإسلامِ، الذي ارتضاهُ
اللهُ لعبادِهِ،
- وهو أعلمُ بمصالحِهِم،
فلمَّا ارتضَى لنا الإسلامَ سُبحانَهُ جلَّ وعَلا، وهو
أعلمُ بمصالِحِنا وحاجاتِنا،
فهو الذي خلقَنا سُبحانَهُ-
فعملُهُ مردودٌ غيرَ مقبول،
لأنَّ دينَ الإسلامِ هو المتضمِّنُ للاستسلامِ للهِ،
إخلاصًا وانقيادًا لرسلِهِ.
فما لم يأتِ به العبدُ، لم يأتِ بسبب النَّجاةِ من
عذابِ اللهِ، والفوزِ بثوابِهِ،
وكلُّ دينٍ سواهُ فباطلٌ،
- إذا كنت تتعبَّدُ بدينٍ غيرَ دينِ الإسلامِ، فهو
باطلٌ!-
روَى الإمامُ أحمدُ، حدَّثَنا أبو هريرةَ، إذ ذاك ونحنُ
بالمدينةِ، قالَ:
قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ:
" تجيءُ الأعمالُ يومَ القيامةِ،
فتجيءُ الصَّلاةُ فتقولُ: يا ربِّ، أنا الصَّلاةُ.
فيقولُ: إنَّكِ على خيرٍ.
فتجيءُ الصَّدقةُ فتقولُ: يا ربِّ، أنا الصَّدقةُ.
فيقولُ: إنَّكِ على خيرٍ.
ثم يجيءُ الصِّيامُ فيقولُ: أي يا ربِّ، أنا الصِّيامُ.
فيقولُ: إنَّكَ على خيرٍ.
ثم تجيءُ الأعمالُ، كلُّ ذلك، يقولُ اللهُ تَعالَى:
إنَّكَ على خيرٍ،
ثم يجيءُ الإسلام فيقولُ: يا ربِّ، أنت السَّلام، وأنا
الإسلام. فيقولُ اللهُ تعالى: إنَّكَ على خيرٍ، بكَ اليومَ آخذُ، وبكَ أُعطِي.
قالَ اللهُ في كتابِهِ:
{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }.
تفرَّدَ بهِ أحمدُ.
يقولُ اللهُ تَعالَى:
( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )( 86)
{ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ }:
نعوذُ باللهِ من الضَّلالةِ بعدَ الهُدَى، ونسألُ اللهَ
العفوَ والعافيةَ!
هذا من
بابِ الاستبعادِ،
أي: من
الأمر البعيد أن يهدي اللهُ قومًا اختاروا الكفرَ والضَّلالَ، بعدما آمنوا،
{ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ
الْبَيِّنَاتُ }:
وشهدُوا
أنَّ الرسولَ حقٌّ، بما جاءَهُم بهِ من الآياتِ البيِّناتِ، والبراهينِ القاطعات.
لماذا؟
{ وَاللَّهُ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }:
فهؤلاءِ
ظلمُوا وتركُوا الحقَّ بعدما عرفُوهُ، واتَّبعُوا الباطلَ مع علمِهِم ببطلانِهِ،
ظلمًا وبغيًا واتباعًا لأهوائِهِم،
فهؤلاء
لا يوُفَّقُون للهدايةِ، لأنَّ الذي يُرجَى أنْ يهتديَ هو الذي لم يعرفْ الحقَّ،
وهو حريصٌ على التماسِهِ،
فهذا
بالحريِّ أنْ ييسِّرَ اللهُ عزَّ وجلَّ له أسبابَ الهدايةِ، ويصونَهُ من أسبابِ
الغوايةِ.
أمَّا الذي -والعياذُ باللهِ - قد أتتْهُ الهدايةُ، ثم
ظلَّ ورجعَ ونكصَ -
نسألُ اللهَ العفوَ والعافيةَ والسَّلامةَ!
اللهُمَّ إن أردْتَ بعبادِكَ فتنةً، فاقبضْنا إليكَ
غيرَ مفتونِين!
يقولُ اللهُ تَعالَى:
( أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ
اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )( 87)
اللهُ
هو الذي خلقَكَ ورزقَكَ وأنعمَ عليكَ،
فكيفَ
تعبدُ غيرَهُ؟!
لا
شكَّ أنَّ هذا هو أعظمُ ظلمٍ وأقبحُ الأفعالِ.
أخبرَ
تَعالَى عن عقوبةِ هؤلاءِ المعانِدين الظَّالِمين الدُّنيويَّةِ والأخرويَّةِ،
فقالَ:
{
أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }:
روَى ابن جريرٍ، عن ابن عباسٍ، قالَ: كانَ رجلٌ من
الأنصارِ أسلمَ ثم ارتدَّ، ولحقَ بالشِّركِ، ثم ندمَ،
فأرسلَ إلى قومِهِ: أنْ سلُوا لي رسولَ اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: هل لي من توبةٍ ؟
قالَ: فنزلَتْ: { كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا
كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ }
إلى قولِهِ:
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
فأرسلَ إليهِ قومُهُ، فأسلمَ،
وهكذا رواه النسائيُّ، والحاكمُ، وابن حبَّان.
يقولُ اللهُ تَعالَى:
( خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ
وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ )( 88)
{
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ }:
أي: لا
يُفتَّرُ عنهُم العذابُ ساعةً ولا لحظةً، لا بإزالتِهِ أو إزالةِ بعضِ شدَّتِهِ،
أي: لا
يزولُ بتاتًا، ولا يزولُ حتَّى يُخفًّفُ - والعياذُ باللهِ.
{
وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ }:
أي:
يُمهَلون، ليس هناك حتَّى إمهالٌ، لأنَّ زمنَ الإمهالِ قد مضَى، وقد أعذرَ اللهُ
منهُم، وعمرهم ما يتذكرُ فيه من تذكرَ،
فلو
كان فيهم خيرٌ لوُجِدَ، ولو ردُّوا لعادُوا لما نُهُوا عنهُ.
يقولُ اللهُ تَعالَى:
( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )( 89)
هذا من لطفِهِ وبرِّهِ ورأفتِهِ ورحمتِهِ وعائدتِهِ على
خلقِهِ :
أنَّهُ من تابَ إليهِ، تابَ عليهِ.
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ
ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ )(
90)
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ
ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ }:
يخبرُ اللهُ تَعالَى أنَّ من كفرَ بعد إيمانِهِ، ثم
ازدادَ كفرًا إلى كفرِهِ بتماديهِ في الغيِّ والضَّلالِ، واستمرارِهِ على تركِ
الرُّشدِ والهُدَى، أنَّهُ لا تُقبَلُ توبتُهُم،
أي: لا
يُوفَّقُون لتوبةٍ تُقبَلُ، بل يمدُّهُم اللهُ عزَّ وجلَّ في طغيانِهِم يعمهُون،
قالَ
تَعالَى:
{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا
لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ }
{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }
فالسيئاتُ ينتجُ بعضُها بعضًا،
وخصوصًا لمن أقدمَ على الكفرِ العظيمِ، وتركِ الصِّراطِ
المستقيمِ، وقد قامَتْ عليهِ الحُجَّةُ، ووضَّحَ اللهُ له الآياتِ والبراهينَ،
فهذا هو الذي سعَى في قطعِ أسبابِ رحمةِ ربِّهِ عنْهُ،
وهو الذي سدَّ على نفسِهِ بابَ التَّوبةِ،
ولهذا حصرَ الضَّلالَ في هذا الصِّنفِ،
فقالَ:
{ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ }:
وأيُّ ضلالٍ أعظمُ من ضلالِ من تركَ الطَّريقَ عن
بصيرةٍ!
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ
فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ ۗ
أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ )( 91)
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ
}:
وهؤلاءِ
الكفرةُ إذا استمرُّوا على كفرِهِم إلى المماتِ، تعيَّنَ هلاكُهُم وشقاؤُهُم
الأبديُّ، ولم ينفعْهُم شيءٌ.
{ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ
ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ }:
فلو
أنفقَ أحدُهُم ملءَ الأرضِ ذهبًا، ليفتديَ بهِ من عذابِ اللهِ، ما نفعَهُ ذلكَ.
{ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن
نَّاصِرِينَ }:
بل لا
يزالُون في العذابِ الأليمِ، لا شافعَ لهُم ولا ناصرَ ولا مغيثَ ولا مجيرَ
ينقذُهُم من عذابِ اللهِ،
فأيِسُوا
من كلِّ خيرٍ، وجزَموا على الخلودِ الدائمِ في العقابِ والسَّخطِ،
فعياذًا
باللهِ من حالِهِم!
سُئِلَ
النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ عن عبد اللهِ بن جدعانَ - وكانَ يُقري
الضَّيفَ، ويفكُّ العانيَ، ويطعمُ الطَّعامَ
- أي
كانَ صاحبَ أخلاقٍ ومروءةٍ-
هل
ينفعُهُ ذلك؟
فقالَ
عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: لا، إنَّهُ لم يقلْ يومًا من الدَّهرِ:
ربِّ
اغفرْ لي خطيئَتِي يومَ الدِّينِ.
إذن
مروءةٌ من غيرِ إيمانٍ لا تنفعُ، أعمالٌ بدونِ إيمانٍ لا تنفعُ، حتَّى لو كانَتْ
أعمالًا صالحةً.
{
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
الإيمانُ
أولًا، ثم العملُ الصَّالحِ.
قالَ :
إنَّهُ لم يقلْ يومًا من الدَّهرِ: ربِّ اغفرْ لي خطيئَتِي يومَ الدِّينِ.
وكذلك
لو افتدَى بملءِ الأرضِ ذهبًا، ما قٌبِلَ منهُ ذلكَ.
{
وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ }
{
يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ }:
هذا
يومُ القيامةِ.
روَى
الإمامُ أحمدُ، عن أنسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ:
"
يُؤتَى بالرَّجلِ من أهلِ الجَّنةِ، فيقولُ لهُ: يا ابنَ آدمَ، كيفَ وجدْتَ
منزلَكَ؟
فيقولُ:
أيْ ربِّ، خيرَ منزلٍ.
فيقولُ:
سلْ وتمنَّ.
فيقولُ:
ما أسألُ ولا أتمنَّى إلا أن تردَّني إلى الدُّنيا، فأقتلُ في سبيلِكَ عشرًا
مرارًا - لما يرَى من فضلِ الشَّهادةِ.
ويُؤتَى
بالرَّجلِ من أهلِ النَّار- نعوذ باللهِ من النَّارِ- فيقولُ لهُ: يا ابن آدمَ،
كيف وجدْتَ منزلَكَ؟
فيقولُ:
يا ربِّ، شرَّ منزلٍ.
فيقولُ
لهُ: تفتدي منِّي بطلاعِ الأرضِ ذهبًا؟
فيقول:
أيْ ربِّ، نعم.
فيقول:
كذبْتَ، قد سألتُكَ أقلَّ من ذلكَ وأيسَرَ، فلم تفعلْ، فيُرَدُّ إلى
النَّارِ".
ولهذا
قالَ اللهُ تَعالَى :
{
أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ }
أي:
وما لهُم من أحدٍ ينقذُهُم من عذابِ اللهِ، ولا يجيرُهُم من أليمِ عقابِهِ.
نسألُ
اللهَ العفوَ والعافيةَ!
سبحانَكَ
اللهُمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ.
اللهُمَّ
اجعلْ هذا الاجتماعَ اجتماعاً مرحوماً، واجعلْ تفرُّقَنا من بعدِهِ تفرّقًا
معصوماً، ولا تجعلْ معَنا شقيَّاً ولا محروماً.
وصلَّى
اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا مُحمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعِين.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق