الاثنين، أغسطس 08، 2016

تفريغ سورة النساء من آية 148 إلى آية 154

 
 
 
 
الوجه السادس والعشرون من سورة النساء
 
 
 

يقول الله تعالى:
 (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ( 148 )

عن ابن عباس في الآية قال :
(  لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ )
يقول : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد ، إلا أن يكون مظلوما ، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وإن صبر فهو خير له .
 

يخبر الله تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول، :
أي يبغضه ويمقته ويعاقب عليه، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن، كالشتم والقذف والسب ونحو ذلك فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله.
 

- منزلة الأخلاق الحسنه منزلة عظيمة
 

 ويدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول كالذكر والكلام الطيب و اللين.
 
المسلم يكون هيّن ليّن بسيط
 

 { إِلَّا مَن ظُلِمَ } :
 فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه،
ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه،
 
ومع ذلك :{ فإنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }
 { وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا }
مطلع على كل شيء ما يحتاج أحد يسمعه أو أحد يعلمه
 -سبحانه جل وعلا  -

{ سميع }
 يسمع أقوالكم ، يسمع ماذا تتكلمون به .

 { عَلِيمٌ }
بنياتكم ومصدر أقوالكم.
 
 
( إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ( 149 ) .
 


{ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ }
هذا يشمل كل خير قوليّ سواء كان أو فعليّ، ظاهر كان أو باطن،  واجب أو مستحب.

 {إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا }

هذه قاعدات من القواعد القرآنية
 
 

أول القاعدة التي في بداية الوجه :
{ لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ }
هذه قاعده لابد أن اتخاذها في حياتك
تتخذها منهج تربي فيه جيل

 

ثم قال الله -عز وجل-
القاعدة الثانية :
( إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا )

إن تبدوا أي كل خير قولي سواء أو فعلي
 أو تعفوا عن سوء عمن أساء في أبدانكم وأموالكم وأعراضكم، فتسمحوا عنه، فإن الجزاء من جنس العمل فمن عفا وأصلح فأجره على الله ومن أحسن احسن الله إليه، ومن عفا عفا الله عنه .

 
 
 
 
سبحان الله , الله ذكر العفو في الآية الثانية
لأن بعض الأحيان الانسان يكون ممتلئ ومحتقن
ليس مناسب أن تقول له أعفو
فالله عزوجل أشبع هذه النفس
 
فقال في البداية :
{ لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ }
- من ظلم خذ راحتك -
لكن لا تتحدث اﻻ عن الذي ظلمك

وكان الله مطلع على كل شيء
هذه قاعدة : {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا }

يعني لا تأخذ ولا تتجاوز ولا تتكلم عليهم في شيء فيه زياده
مطلع يسمع كلامك ويعلم مقصدك ويعلم ماذا تريد
 إن الله كان سميعا عليما

 

ثم قال بعدها قاعده أخرى :
{إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ }
بمعنى :
أنه عندما هدأ الشخص , عندما هدأت نفسه
وضّح الله سبحانه تعالى في الآية أنه خير له إن عفا ،
 لم يذكر في نفس الآية انما ذكره في اية أخرى
 
ليس مناسب ان تتحدث للشخص في نفس لحظة المشكلة عن العفو
بدليل ان الله عزوجل لم يذكره في نفس الآية لأن في بعض الاحيان قد يتكلم الشخص بكلام يخرجه عن طوره
 
الله عزوجل هو الذي خلق انفسنا وهوالذي يعلم ماتحتاجه
فالقران هو منهج حياة لو تتخذها منهج كتربيه فهو شيء عظيم
 
(أَوْ تَعْفُوا عَنْ )عمن أساء في أبدانكم ،أموالكم ،أ عراضكم
فإن الجزاء من جنس العمل
 
( سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا )
 يعفو عن زلات العباد وعن ذنوبهم العظيمة
 

ثم يقول الله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ( 150 ) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ( 151 ) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ( 152 ) .


هذا قسمان قد وضحا لكل أحد :
 مؤمنٌ بالله وبرسله كلِّهم وكتبه، وكافرٌ بذلك .

وبقي قسم ثالث: وهو الذي يزعم أنه يؤمن ببعض الرسل دون بعض، وأن هذا سبيل ينجيه من عذاب الله، وماهو إلا مجرد أماني.
 
فإن من تولى الله حقيقةً تولى جميع رسله ,
 الذي يحب الله يتولى جميع رسله , لأن ذلك من تمام توليه، ومن عادى أحدا من رسله فقد عادى الله وعادى جميع رسله.
 
 
(مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ)
وكذلك مَنْ كفر برسول فقد كفر بجميع الرسل، بل بالرسول الذي يزعم أنه به مؤمن،
 
ولهذا قال:
{أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}
وذلك لئلا يتوهم أن مرتبتهم متوسطة بين الإيمان والكفر.

ديننا منهج واضح , من لا يؤمن بجميع الكتب وبجميع الرسل
فليس بمؤمن حتى لو آمن بواحد , أو البقيه كلهم آمن بهم إﻻ واحد فليس بمؤمن ، ليس بمسلم ,
 
ووجه كونهم كافرين حتى بما زعموا الإيمان به أن كل دليل دلهم على الإيمان بمن آمنوا به موجود هو أو مثله أو ما فوقه.
 

 ( وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا )
 كما تكبّروا عن الإيمان بالله، أهانهم بالعذاب الأليم المخزي.
 

{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}
وهذا يتضمن الإيمان بكل ما أخبر الله به عن نفسه وبكل ما جاءت به الرسل من الأخبار والأحكام.
 

{ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ }
أي : من رسله، بل آمنوا بهم كلهم، فهذا
هو الإيمان الحقيقي، واليقين المبني على البرهان.
 

 { أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } 
 جزاء إيمانهم وما ترتب عليه من عمل صالح، وقول حسن، وخلق جميل، كُلٌّ على حسب حاله.
 

ولعل هذا هو السر في إضافة الأجور إليهم،
 
 
{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }
 يغفر السيئات ويتقبل الحسنات.
 

لما قال الله_ عز وجل _ :
{ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ }
أضاف الأجور لهم , جزاء ايمانهم و ما ترتب عليه من عمل صالح وقول حسن وخلق جميل.

الله -عز وجل - عادل _جل وعلا _
نسب الأجور لهم قال : { أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ }

ثم قال الله سبحانه وتعالى :
(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ( 153 ) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ( 154 ) .
 
 

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ}
قال محمد بن كعب ،  : سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء  كما نزلت التوراة على موسى مكتوبة ( ألواح )
 

القران نزل مفرقا على الرسول صلى الله عليه وسلم حسب الأحداث والوقائع فهم طلبوا من محمد صلى الله عليه وسلم أن ينزل كما نزل كتاب موسى

 سألوه أن ينزل عليهم صحفا من الله مكتوبة إلى فلان وفلان و فلان بتصديقه فيما جاءهم به .

وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت فقط والعناد والكفر والإلحاد ، كما سأل كفار قريش قبلهم نظير ذلك
 
( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا )
( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهره )
 

اﻵن الله -عز وجل - يسلي النبي محمد صلى الله عليه وسلم :
يا محمد فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فلا يضيق صدرك أي بطغيانهم وبغيهم ، وعتوهم وعنادهم 
 

لذلك نحن لا نستجيب للناس الذين يريدون يستهزؤن ويسخرون
لانهم لا يريدون الهداية
 
 
 
 ( وإذ قلتم يا موسى... ) 
أي : من بعد ما رأوا  الآيات الباهرة والأدلة القاهرة على يد موسى ، عليه السلام ،ثم اتخذوا العجل

هم طلبوا من موسى أن يروا الله _عز وجل _ جهرة
ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات
 
 الأدلة الواضحة البينة مع ذلك اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات : أي من بعد ما شاهدوا الأيات الباهرة، والأدلة القاهرة على يد موسى -عليه السلام - في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدو الله فرعون وجميع جنوده في اليم ، فما جاوزوه إلا يسيرا حتى أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ،
 
 فقالوا يا موسى : ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة).
 

ثم ذكر الله تعالى قصة اتخاذهم العجل
ذكرها في سورة " الأعراف " ،
 وذكرها في سورة " طه "
بعد ذهاب موسى إلى مناجاة الله ، عز وجل ،
 
ثم لما رجع وكان ما كان ، جعل الله توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه : أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عَبَده ، فجعل
يقتل بعضهم بعضا ثم أحياهم الله ، عز وجل ،
( فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا)
 

( وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا )

وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التوراة ،
وظهر منهم إباء عما جاءهم به موسى ، عليه السلام ، ورفع الله على رؤوسهم جبلا ثم أُلزموا فالتزموا وسجدوا ، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم
 

( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة )
( وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا )
 
أي : فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل ، فإنهم أُمروا أن يدخلوا باب بيت القدس سجدا ، وهم يقولون : حطة .
أي : اللهم حط عنا ذنوبنا في تركنا الجهاد
ولكن ، -أعوذ بالله - دخلوا يزحفون على أستاههم ،
وهم يقولون : حنطة في شعيرة .

( وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ )
أي : وصيناهم بحفظ السبت والتزام ما حرم الله عليهم ، ما دام مشروعا لهم
 
 ( وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا )
أي : شديدا  ، فخالفوا وعصوا وتحيّلوا على ارتكاب ما حرم  الله ، عز وجل ،
 
 كما هو مبسوط في سورة ( واسألهم عن القرية )
 

أخذنا موقف بني إسرائيل في سورة البقرة وكان فيه آيات واضحه وتفسير واضح لتفكير بني إسرائيل وماذا فعلوا بموسى فهؤلاء قوم يعني عجيبون في تصرفاتهم وافعالهم قوم تعودوا على الذل وعاشوا في ذل وهوان
 
فلذلك الله عز وجل يقول :
{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}
عظيما ومع ذلك  لم يؤخذوا بهذا العهد.
 
 
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
 
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد
 

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق