بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
الوجهُ
الثَّاني والعشرُون من سورة الأنعام
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ
الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا
وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ
اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( 152)
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ
الْيَتِيمِ }:
بأكلٍ، أو معاوضةٍ، على وجهِ المُحاباةِ
لأنفسِكُم،
أو أخذٍ منْ غيرِ سببٍ.
{ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }:
أي: إلّا بالحالِ التي تصلحُ بها
أموالُهُم، وينتفعُون بها.
فدلَّ هذا على أنَّهُ لا يجوزُ
قربانُها، والتَّصرُفُ بِها،
على وجهٍ يضرُّ اليتامَى،
أو على وجهٍ لا مضرَّةَ فيهِ، ولا
مصلحةَ.
{ حَتَّى يَبْلُغَ }:
اليتيمُ
{ أَشُدَّه }:
أي: حتى يبلغَ ويرشدَ، ويعرفَ التَّصرُّفَ،
فإذا بلغَ أشُدَّهُ، أُعطِيَ حينئذٍ
مالُهُ، وتصرَّفَ فيهِ على نظرِهِ.
وفي هذا دلالةٌ على أنّ اليتيمَ - قبلَ
بلوغِ الأشُدِّ- مَحجُورٌ عليهِ،
وأنَّ وليَّهُ يتصرَّفُ في مالِهِ
بالأحظِّ،
وأنَّ هذا الحَجْرَ ينتهِي ببلوغِ
الأشُدِّ.
{ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ
وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ }:
أي: بالعدلِ والوفاءِ التَّامِ،
فإذا اجتهدْتُم في ذلكَ،
فـَ { لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا
إِلَّا وُسْعَهَا }:
أي: بقدرِ ما تسعُهُ، ولا تضيقُ عنْهُ.
مِنْ رحمتِهِ سُبحانَهُ!
فمَن حرَصَ على الإيفاءِ في الكيلِ
والوزنِ،
ثمَّ حصلَ منْهُ تقصيرٌ، لمْ يفرِّطْ
فيهِ، ولمْ يعلمُهُ،
فإنَّ اللهَ عفوٌّ غفورٌ!
وبهذهِ الآيةِ ونحوِها، استدلَّ
الأُصوليُّون،
بأنَّ اللهَ لا يكلِّفُ أحدًا ما
لا يطيقُ،
وعلى أنَّ منْ اتَّقَى اللهَ فيما
أمرَ، وفعلَ ما يمكنُهُ منْ ذلكَ،
فلا حرجَ عليهِ فيما سوَى ذلكَ.
{ وَإِذَا قُلْتُمْ }:
قولًا تحكمُون بهِ بينَ النَّاسِ،
وتفصِلُون بينَهُم الخطابَ، وتتكلَّمُون
بهِ على المقالاتِ والأحوالِ،
{ فَاعْدِلُوا }:
في قولِكُم،
بمراعاةِ الصِّدقِ، فيمَنْ تحبُّون،
ومنْ تكرهُون،
والإنصافِ، وعدمِ كتمانِ ما يلزمُ
بيانُهُ.
فإنَّ الميلَ على منْ تكرهُ
بالكلامِ فيهِ أو في مقالتِهِ منَ الظُّلمِ المحرَّمِ.
بلْ إذا تكلَّمَ العالِمُ على
مقالاتِ أهلِ البدعِ،
فالواجبُ عليهِ أنْ يعطيَ كلَّ ذي
حقٍّ حقَّهُ،
وأنْ يبيِّنَ ما فيها منَ الحقِّ
والباطلِ،
ويعتبرَ قربَها منَ الحقِّ، وبُعدَها
منْهُ.
وذكرَ الفقهاءُ أنَّ القاضيَ يجبُ
عليهِ العدلُ بينَ الخصمَينِ، في لحظِهِ ولفظِهِ.
{ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا }:
وهذا يشملُ:
- العهدَ الذي عاهدَهُ عليهِ
العبادُ منَ القيامِ بحقوقِهِ والوفاءِ بها،
- ومنَ العهدِ الذي يقعُ التَّعاقدُ
بهِ بينَ الخلقِ.
فالجميعُ يجبُ الوفاءُ بهِ، ويحرُمُ
نقضُهُ، والإخلالُ بهِ.
{ ذَلِكُمْ }:
الأحكامُ المذكورةُ
{ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ }:
ما بيَّنَهُ لكُم منَ الأحكامِ،
وتقومُون بوصيَّةِ اللهِ لكُم حقَّ
القيامِ،
وتعرفُون ما فيها، منَ الحِكَمِ
والأحكامِ.
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( وَأَنَّ
هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ ) ( 153)
ولمَّا
بيَّنَ كثيرًا من الأوامرِ الكِبارِ، والشَّرائعِ المهمَّةِ،
أشارَ
إليها، وإلى ما هوَ أعمِّ منْها،
فقالَ:
{
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا }:
أي:
هذهِ الأحكامُ وما أشبهُها،
ممَّا
بيَّنَهُ اللهُ في كتابِهِ، ووضَّحَهُ لعبادِهِ،
صراطُ
اللهِ عزَّ وجلَّ المُوصِلِ إليهِ، وإلى دارِ كرامتِهِ،
المعتدلِ
السَّهلِ المُختصَرِ.
{
فَاتَّبِعُوهُ }:
لتنالُوا
الفوزَ والفلاحَ، وتدرِكُوا الآمالَ والأفراحَ.
{
وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ }:
أي:
الطُّرقَ المخالفةَ لهذا الطَّريقِ،
{
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }:
أي:
تضلَّكُم عنْهُ، وتفرِّقَكُم يمينًا وشمالًا،
فإذا
ضلَلْتُم عنْ الصِّراطِ المُستقيمِ،
فليسَ
ثمَّ إلَا طُرُقٌ توصِلُ إلى الجحيمِ.
{
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }:
فإنَّكُم
إذا قمْتُم بما بيَّنَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ لكُم علمًا وعملًا،
صِرْتُم
منَ المُتَّقِين، وعبادِ اللهِ المُفلِحِين.
ووحَّدَ
اللهُ الصِّراطَ، وأضافَهُ إليهِ، لأنَّهُ سبيلٌ واحدٌ مُوصِلٌ إليهِ،
واللهُ
هو المُعِينُ للسَّالكِينَ على سلوكِهِ.
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( ثُمَّ آتَيْنَا
مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ) ( 154)
{
ثُمَّ }:
في هذا
الموضِعِ، ليسَ المُرادُ منْها التَّرتيبَ الزَّمانيَّ،
فإنَّ
زمنَ موسَى عليهِ السَّلامُ،
مُتقدِّمٌ
على تلاوةِ الرَّسولِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، هذا الكتابَ،
وإنَّما
المرادُ التَّرتيبُ الإخباريُّ.
فأخبرَ،
أنَّهُ آتَى:
{
مُوسَى الْكِتَابَ }:
وهو:
التَّوراةُ
{
تَمَامًا }:
لنعمتِهِ،
وكمالًا لإحسانِهِ.
{
عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ }:
من أُمَّةِ
موسَى،
فإنَّ
اللهَ أنعمَ على المُحسِنِين منْهُم، بنِعَمٍ لا تُحصَى.
مِنْ جُملتِها
وتمامِها، إنزالُ التَّوراةِ عليهِم.
فتمَّتْ
عليهِم نعمةُ اللهِ، ووجبَ عليهِم القيامُ بشكرِها.
{
وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ }:
يحتاجُون
إلى تفصيلِهِ،
منَ
الحلالِ والحرامِ، والأمرِ والنَّهيِ، والعقائدِ ونحوِها.
{
وَهُدًى }:
أي:
يهديهِم إلى الخيرِ، ويعرِّفُهُم بالشَّرِّ، في الأصولِ والفروعِ.
{
وَرَحْمَةٌ }:
يحصلُ
بهِ لهُم السَّعادةُ، والرَّحمةُ، والخيرُ الكثيرُ.
{
لَعَلَّهُمْ }:
بسببِ
إنزالِنا الكتابَ والبيِّناتِ عليهِم،
{
بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ }:
فإنَّهُ
اشتملَ منَ الأدلَّةِ القاطعةِ، على البعثِ والجزاءِ بالأعمالِ،
ما
يوجبُ لهُم الإيمانَ بلقاءِ ربِّهِم، والاستعدادَ لهُ.
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( وَهَٰذَا كِتَابٌ
أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ( 155)
{
وَهَذَا }:
القرآنُ
العظيمُ، والذِّكرُ الحكيمُ.
{
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ }:
أي:
فيه الخيرُ الكثيرُ، والعلمُ الغزيرُ،
وهو
الذي تُستمدُّ منْهُ سائرُ العلومِ، وتُستخرَجُ منْهُ البركاتُ،
فما منْ
خيرٍ، إلّا وقدْ دعَا إليهِ، ورغَّبَ فيهِ،
وذكرَ
الحكمَ، والمصالحَ التي تحثُّ عليهِ،
وما منْ
شرٍّ، إلا وقدْ نهَى عنْهُ، وحذَّرَ منْهُ،
وذكرَ
الأسبابَ المُنفِّرَةَ عنْ فعلِهِ، وعواقبَها الوخيمةِ.
{
فَاتَّبِعُوهُ }:
فيما
يأمرُ بهِ، وينهَى، وابنُوا أصولَ دينِكُم، وفروعَهُ عليهِ
{
وَاتَّقُوا }:
اللهَ تَعالَى،
أنْ
تخالِفُوا لهُ أمرًا.
{
لَعَلَّكُمْ }:
إنْ اتَّبعتُمُوهُ
{
تُرْحَمُونَ }:
فأكبرُ
سببٍ لنيلِ رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ،
اتِّباعُ
هذا الكتابِ، علمًا وعملًا.
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ
الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ
لَغَافِلِينَ ) ( 156)
{ أَنْ
تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا }:
أي:
أنزلنَا إليكُم هذا الكتابَ المُباركَ قطعًا لحجَّتِكُم،
وخشيةً
أنْ تقولُوا إنَّما أُنزِلَ الكتابُ على طائفتَين منْ قبلِنا،
أي:
اليهودِ والنَّصارَى.
{
وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ }:
أي:
تقولُون لَمْ تُنزِلْ علينا كتابًا،
والكتبُ
التي أنزلْتَها على الطَّائفتَين، ليسَ لنا بها علمٌ ولا معرفةٌ.
فأنزلْنَا
إليكُم كتابًا،
لم
ينزلْ منَ السَّماءِ، كتابٌ أجمَعُ، ولا أوضَحُ، ولا أبيَنُ منْهُ.
يقولُ
اللهُ تَعالَى:
( أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا
أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم
بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ
بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ
آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ) ( 157)
{ أَوْ
تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ }:
أي: إمَّا
أنْ تعتذرُوا بعدمِ وصولِ أصلِ الهدايةِ إليكُم،
وإمَّا
أنْ تعتذرُوا، بـعدمِ كمالِها وتمامِها،
فحصلَ
لكُم بكتابِكُم، أصلُ الهدايةِ وكمالُها،
ولهذا
قالَ:
{
فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ }:
وهذا
اسمُ جنسٍ، يدخلُ فيهِ كلُّ ما يبيِّنُ الحقَّ.
{
وَهُدًى }:
منَ
الضَّلالةِ
{
وَرَحْمَةٌ }:
أي:
سعادةً لكُم، في دينِكُم ودُنياكُم.
فهذا
يوجِبُ لكُم الانقيادَ لأحكامِهِ، والإيمانَ بأخبارِهِ،
وأنَّ
منْ لمْ يرفعْ بهِ رأسًا وكذَّبَ بهِ، فإنَّهُ أظلمُ الظَّالِمِينَ.
ولهذا
قالَ:
{
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا }:
أي:
أعرضَ، ونأَى بجانبِهِ.
{
سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ }:
أي:
العذابَ الذي يسوءُ صاحبَهُ، ويشقُّ عليهِ.
{
بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ }:
لأنفسِهِم،
ولغيرِهِم، جزاءً لهُم على عملِهِم السَّيِّءِ.
{
وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ }:
وفي
هذهِ الآياتِ، دليلٌ على:
- أنَّ
علمَ القرآنِ أجلُّ العلومِ، وأبركُها وأوسعُها.
- وأنَّهُ
بهِ، تحصلُ الهدايةُ إلى الصِّراطِ المُستقيمِ، هدايةً تامَّةً،
لا
يحتاجُ معَها إلى تخرُّصِ المُتكلِّمِين، ولا إلى أفكارِ المُتفلْسِفِين،
ولا
لغيرِ ذلكَ منْ علومِ الأوَّلِين والآخرِين.
- وأنَّ
المعروفَ أنَّهُ لم ينزلْ جنسُ الكتابِ إلّا على الطَّائفتَين،
منَ
اليهودِ والنَّصارَى،
فهُم
أهلُ الكتابِ عندَ الإطلاقِ، لا يدخلُ فيهِم سائرُ الطَّوائفِ،
لا
المجوسُ ولا غيرُهُم.
- وفيهِ:
ما كانَ عليهِ الجاهليَّةُ قبلَ نزولِ القرآنِ،
منَ
الجهلِ العظيمِ، وعدمِ العلمِ بما عندَ أهلِ الكتابِ،
الذين
عندَهُم مادَّةُ العلمِ،
وغفلتِهِم
عنْ دراسةِ كتبِهِم.
سبحانَكَ اللهُمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا
أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ.
اللهُمَّ اجعلْ هذا الاجتماعَ اجتماعاً مرحوماً، واجعلْ
تفرُّقَنا منْ بعدِهِ تفرّقًا معصوماً، ولا تجعلْ معَنا شقيَّاً ولا محروماً.
وصلِّ اللهُمَّ وسلِّمْ وبارِكْ على نبيّنا مُحمَّد
وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعِين.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق