الاثنين، أغسطس 08، 2016

تفريغ سورة المائدة من آية 71 إلى آية 77




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ



الوجهُ الخامسُ عشر من سورة المائدة


يقولُ اللهُ تَعالَى:
( وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ ۚ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) ( 71)

بعدَ أنْ تكلَّم الله عزَّ وجلَّ عن بنِي اسرائيلَ، وأفعالِهِم الشَّنيعةِ،
ثمَّ أخبرَ أنَّه قدْ أخذَ ميثاقَهُم، وأرسلَ إليهِم رسلًا،

وكانَتْ نتيجةُ ذلك، أنَّهُم إما أنْ يكذِّبوا هؤلاءِ الرُّسلِ،
أو أنَّهُم يقتلُونَهُم،
بيَّنَ لمَ يفعلون هذا كلَّهُ:

{ وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ }:
أي: ظنُّوا أنَّ معصيتَهُم وتكذيبَهُم لا يجرُّ عليهِم عذابًا ولا عقوبةً،
فاستمرُّوا على باطلِهِم.

فأحيانًا- ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ - نفعلُ الذُّنوبَ والمعاصِيَ، ونتوقَّعُ أنها ليسَتْ بذاتِ أثرٍ،
ونتسخَّطُ منَ البلايَا التي تأتينَا،
وإنمَّا جزءٌ منْها نحنُ سببٌ فيها.

فلا بدَّ أن ندركَ حجمَ أعمالِنا التي نقومُ بها،
أيًّا كانَت الذُّنوبُ التي نعملُها في حقِّ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالَى، وحقِّ رسولِهِ، وحقِّ دينِنا.

{ فَعَمُوا وَصَمُّوا }:
عن الحقِّ - والعياذُ باللهِ-

{ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ }:
حين تابُوا إليهِ وأنابُوا

{ ثُمَّ }:
لم يستمرُّوا على تلكَ التَّوبةِ،
حتَّى انقلبَ أكثرُهُم إلى الحالِ القبيحةِ.

{ فعَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ }:
الكثيرُ منهُم بهذا الوصفِ، والقليلُ استمرُّوا على توبتِهِم وإيمانِهِم.

{ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }:
سُبحانَهُ، فَيجازيَ كلَّ عاملٍ بعملِهِ، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ.

نسألُ اللهَ أنْ يعفوَ عنَّا ويغفرَ لنا!


يقولُ اللهُ تَعالَى:
  لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) ( 72)

{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا }:
يخبرُ اللهُ تَعالَى عن كفرِ النَّصارَى، بقولِهِم:

{ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ْ}:
بشبهةِ أنَّهُ خرجَ منْ أمٍّ بلا أبٍ، وخالفَ المعهودَ من الخلْقةِ الإلهيَّةِ،

والحالُ أنَّهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، قد كذَّبَهُم في هذهِ الدَّعوَى:

{ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ }:
فأثبتَ لنفسِهِ العبوديَّةَ التَّامَّةَ، ولربِّهِ الرُّبوبيَّةَ الشَّامِلةَ لكلِّ مخلوقٍ.

{ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ }:
أحدًا من المخلُوقِينَ، لا عيسَى ولا غيرَهُ.

{ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ }:
حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، أيًّا كان هذا المخلوقُ، سواءً كانَ عيسَى أو غيرَهُ،

فلا حسبَ ولا نسبَ بينَكَ وبينَ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالَى،
ومن الذي سينصرُكَ، إنْ لم ينصرْكَ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى؟!

وذلكَ لأنَّهُ سوَّى الخَلْقَ بالخالقِ،
وصَرَفَ ما خلقَهُ اللهُ لهُ - وهو العبادةُ الخالصةُ - لغيرِ من هيَ لهُ،
فاستحقَّ أنْ يخلدَ في النَّارِ.

{ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }:
ينقِذُونَهُم من عذابِ اللهِ، أو يدفعُون عنْهُم بعضَ ما نزلَ بهِم.


يقولُ اللهُ تَعالَى:
( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( 73)

{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ }:
وهذا من أقوالِ النَّصارَى المنصورةِ عندَهُم،
زَعمُوا أنَّ اللهَ ثالثُ ثلاثةٍ: اللهُ، وعيسَى، ومريمُ،
تَعالَى اللهُ عن قولِهِم علوًّا كبيرًا!

وهذا أكبرُ دليلٍ على قلةِ عقولِ النَّصارَى،
كيفَ قبِلُوا هذهِ المقالةَ الشَّنعاءَ، والعقيدةَ القبيحةَ؟!
كيفَ اشتبهَ عليهِم الخالقُ بالمخلُوقِينَ ؟!
كيفَ خفيَ عليهِم ربُّ العالمِينَ؟!

قالَ تَعالَى -رادًّا عليهِم، وعلى أشباهِهِم -:

{ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ }:
متَّصِفٌ بكلِّ صفةِ كمالٍ، منزَّهٌ عن كلِّ نقصٍ، منفردٌ بالخلْقِ والتَّدبيرِ،
ما بالخلقِ من نعمةٍ إلَّا منْهُ.

فكيفَ يُجعَلُ معهُ إلهٌ غيرُه؟
تعالَى اللهُ عمَّا يقولُ الظَّالِمون علوًّا كبيرًا!

ثمَّ توعَّدَهم بقولِهِ:
{ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ْ}


يقولُ اللهُ تَعالَى:
( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( 74)

ثمَّ دعاهُم اللهُ إلى التَّوبةِ عمَّا صدرَ منهُم،
وبيَّنَ أنَّهُ يقبلُ التَّوبةَ عنْ عبادِهِ،
فقالَ:

{ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ }:
أي: يرجِعُون إلى ما يحبُّهُ ويرضَاهُ،
من الإقرارِ للهِ بالتَّوحيدِ، وبأنَّ عيسَى عبدُ اللهِ ورسولِهِ،
عمَّا كانُوا يقولونَهُ،

{ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ }:
عن ما صدرَ منْهُم

{ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}:
أي: يغفرُ ذنوبَ التَّائبين، ولو بلغَتْ عنانَ السَّماءِ،
ويرحمُهُم بقبولِ توبتِهِم، وتبديلِ سيِّئاتِهِم حسناتٍ- سُبحانَهُ.

وصدَّرَ دعوتَهُم إلى التَّوبةِ، بالعرضِ الذي هو غايةُ اللُّطفِ واللِّيِن،
في قولِهِ:

{ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ }:
الله أكبرُ!
اللهُ جلَّ وعَلا يتلطَّفُ بنا!
انظرُوا إلى أسلوبِ اللهِ عزَّ وجلَّ في كتابِهِ،
فكيفَ نحنُ مع عبادِهِ؟!

نسألُ اللهَ أنْ يعفوَ عنَّا، ويغفرَ لنا!


يقولُ اللهُ تَعالَى:
( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( 75)

ثمَّ ذكرَ حقيقةَ المسيحِ وأُمِّهِ، الذي هوَ الحقُّ، فقالَ:

{ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ْ}:
أي: هذا غايتُهُ ومُنتهَى أمرِهِ، أنَّهُ من عبادِ اللهِ المُرسَلينَ،
الذينَ ليسَ لهُم منَ الأمرِ، ولا منَ التَّشريعِ، إلا ما أرسلَهُم بهِ اللهُ،

وهو منْ جنسِ الرُّسلِ قبلَهُ،
لا مَزيَّةَ لهُ عليهِم، تخرِجُهُ عن البشريَّةِ، إلى مرتبةِ الرُّبوبيَّةِ.

{ وَأُمَّهُ }:
مريمُ

{ صِدِّيقَةٌ }:
أي: هذا أيضًا غايتُها، أنْ كانَتْ من الصِدِّيقِين،
الذينَ هُم أعلَى الخلقِ رتبةً بعدَ الأنبياءِ.

والصِدِّيقيَّةُ: هي العلمُ النَّافعُ المثمرُ لليقينِ، والعملُ الصالحُ.

وهذا دليلٌ على أنَّ مريمَ لم تكنْ نبيَّةً،
بلْ أعلَى أحوالِها: الصِدِّيقيَّةُ،
وكفَى بذلكَ فضلًا وشرفًا.

وكذلكَ سائرُ النِّساءِ لم يكنْ منهُنَّ نبيَّةً،
لأنَّ اللهَ تَعالَى جعلَ النُّبوَّةَ في أكملِ الصِّنفَين، في الرِّجالِ،

كما قالَ تَعالَى:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ }

اللَّهُمَ اجعلْنا ممَّنْ أنعمْتَ عليهِم، منَ النَّبيِّينَ والصِدِّيقِينَ والشُّهداءِ والصَّالحِينَ!
هذه هيَ المنازلُ!

فإذا كانَ عيسَى عليهِ السَّلامُ، من جنسِ الأنبياءِ والرُّسلِ من قبلِهِ،
وأمُّهُ صِدِّيقةٌ، - منزلتُها أَنزَلُ من الرُّسلِ-
فلأيِّ شيءٍ اتخذَهُما النَّصارَى إلَهينِ مع اللهِ؟
تَعالَى اللهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.

وقولُهُ:
{ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ }:
دليلٌ ظاهرٌ على أنَّهُما عبدَان فقيرَان، مُحتاجَان،
كما يحتاجُ بنُو آدمَ إلى الطَّعامِ والشَّرابِ،

فلو كانَا إلَهينِ لاستغنيَا عن الطَّعامِ والشَّرابِ، ولم يحتاجَا إلى شيءٍ،
فإنَّ الإلهَ هو الغنُّي الحميدُ.

يبيِّنُ اللهُ سبحانهُ وتَعالَى، أنَّهُ ما دامَ فيهِما حاجةٌ، فليسَا بمنزلةِ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالَى،
تَعالَى اللهُ عن ذلك علوًّا كبيرًا،
فهو لا يحتاجُ شيئًا - سُبحانَهُ جلَّ وعَلا.
بينما نحنُ الخلقُ، محتاجُون ضعفاءُ.

{ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ }:
وبهذا يخرجُ الله ُمريمَ من صفةِ الرُّبوبيَّةِ،
حيثَ وصفُوها بأنَّها إلهٌ،
وأنَّها { ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ } مع اللهِ وعيسَى

فـَ { اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ}

وَ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ }

ولمَّا بيَّنَ تَعالَى البرهانَ،
قالَ:
{ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ }:
الموضِّحةِ للحقِّ، الكاشِفةِ لليقينِ،

ومع هذا لا تفيدُ فيهِم شيئًا، بل لا يزالُون على إفكِهِم وكذبِهِم وافترائِهِم،
وذلكَ ظلمٌ وعنادٌ منهُم.


يقولُ اللهُ تَعالَى:
( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( 76)

أيْ:
{ قُلْ }:
لهُم أيُّها الرَّسولُ:

{ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ }:
من المخلوقِينَ الفقراءِ المُحتاجِين،

{ ما لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا }:
وتدعُون من لا يستطيعُ الضُّرَّ والنَّفعَ والعطاءَ والمنعِ،
فاللهُ تَعالَى هو  الذي انفردَ بالضُّرِّ والنَّفعِ والعطاءِ والمنعِ،

{ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ }:
لجميعِ الأصواتِ، باختلافِ اللُّغاتِ، على تفنُّنِ الحاجاتِ.

{ الْعَلِيمُ }:
بالظَّواهرِ والبواطنِ، والغيبِ والشَّهادةِ، والأمورِ الماضيةِ والمستقبَلةِ.

فالكاملُ تَعالَى، الذي هذهِ أوصافُهُ،
هو الذي يستحقُّ أنْ يُفرَدَ بجميعِ أنواعِ العبادةِ، ويُخلَصُ له الدِّينُ.


يقولُ اللهُ تَعالَى:
( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ) ( 77)

بعدَ أنْ ذكرَ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى النَّصارَى،
وفنَّدَ الله ُسُبحانَهُ وتَعالَى شبهتَهُم، في المسيحِ عليهِ السَّلامُ وأمِّهِ،

ثمَّ نفَى اللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى أن يُعبدَ من دونِهِ، في قولِهِ:
{ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ْما لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا }

قالَ تَعالَى بعدَها لنبيِّه صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ:

{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ }
أي: لا يكونَ دينُكم بين الإفراطِ والتَّفريطِ،
فلا تتجاوزُوا وتتعدُّوا الحقَّ إلى الباطلِ،
وذلك كقولِهِم في المسيحِ، ما تقدَّمَ حكايتُهُ عنهُم.

{ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا }:
من النَّاسِ، بدعوتِهم إيَّاهُم إلى الدِّينِ، الذي هُم عليهِ.

فعملُهُم على الدِّينِ عظيمٌ،
وهذه حقيقةٌ ذكرَها القرآنُ،
ترَى التَّبشيرَ ينتشرُ في الدُّولِ بشكلٍ عظيمٍ،

منافَسَةٌ للإسلامِ - ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ- ولا شكَّ أنَّهُ دينٌ باطلٌ!

وعندَما تجدْهُم في أفريقيا والدُّولِ النَّائيةِ،
تتعجَّبُ كيفَ يعيشُون لهذه الدَّعوةِ، مع أنّهَا دعوةٌ إلى الباطلِ،

فأينَ المسلمُون الذينَ هُم على الحقِّ؟!

يقولُ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى أنَّهم سيضلُّون كثيرًا،
ونحن نجدُ النَّصرانيَّةَ تنتشرُ بكثرةٍ، نظرًا لِجدِّهم واجتهادِهِم في الدَّعوةِ،
ولكنْ لا شكَّ أنَّهُم لا ينافِسُون المُسلمينَ عددًا.

{ وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ }:
أي: قصدِ الطَّريقِ، فجمَعُوا بين الضَّلالِ والإضلالِ،

وهؤلاءِ هُم أئمةُ الضَّلالِ الذين حذَّرَ اللهُ عنْهُم،
وعن اتِّباعِ أهوائِهِم المُرديةِ، وآرائِهِم المُضلَّةِ.



سبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ.
اللهمَّ اجعلْ هذا الاجتماعَ اجتماعاً مرحوماً، واجعلْ تفرُّقَنا من بعدِهِ تفرّقًا معصوماً، ولا تجعلْ معَنا شقيَّاً ولا محروماً.
وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيّنا مُحمَّد وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعِين.





ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق