الاثنين، أغسطس 08، 2016

تفريغ سورة النساء آية 75 الى آية 79

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ





الوجه الرابع عشر من سورة النساء


 يقول الله تعالى  :

{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ 
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} 



 {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} : 
هذا حث من الله تعالى لعباد المؤمنين وتهيُجاً لهم على القتال في سبيله وأن ذلك قد تعين عليهم وتوجيهاَ ذا اللوم عليهم بتركه
 يعني إذا تركوا الجهاد في سبيل الله أعوذ بالله عليهم لوماً عظيم  .


{وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ 

الظَّالِمِ أَهْلُهَا } :  والحال أن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
ومع هذا فقط نالهم أعظم الظلم من أعدائهم فهم يدعون الله أن يخرجهم من القرية الظالم اهلها لأنفسهم بالكفر والشرك وللمؤمنين بالأذى والصد عن سبيل الله ,  ومنعهم من الدعوة لدينهم والهجره .


{وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرً} : يدعون الله أن يجعل لهم ولياً ونصيراً يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها  ,
فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتالِ والذبِّ عن أولادكم ومحارمكم لا من باب الجهاد الذي هو الطَمعُ في الكفار فإنهُ وإن كان فيه فضلاً عظيم ويلام المتخلف عليه أعظم لوم , فالجهاد الذي فيه إستنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجراَ وأكبر فائدة بحيث يكون من باب دفع الأعداء , 
وهذا رحمة من الله تعالى وهذا فضل من الله وهذا كرم من الله وهذا جوداً منهُ سبحانه .

 روى البخاري عن إبن العباس قال : كُنتُ أنا وأمي من المستضعفين 
ثم قال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا} إذن أعظم الجهاد وأزكى الجهاد وأفضل الجهاد وأنقى الجهاد هو الجهاد هو جهاد هو دفع الأعداء وهذا الذي تكلم الله عنهُ في هذا الأيه  {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} 


( الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ
 فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )﴿٧٦﴾ 


{ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } : هذا أخباراٌ من الله تعالى بأن المؤمنين يقاتلون في سبيله 

 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ } :والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت
 والشيطان .


 وهذه لها فوائد بحسب إيمان العبد يكون جهادهُ في سبيل الله و بحسب إيمان العبد يكون إخلاصهُ ومتابعتهُ ,
فالجهاد في سبيل الله من أثار الإيمان ومقتضايتهُ ولوازمه , كما أن القتال في سبيل الطاغوت من شُعب الكفر ومقتضايته .

 ثانياً أن الذي يقاتل في سبيل الله ينبغي لهُ ويحسن منهُ من الصبر والجلدِ مالا يقوم بهِ غيرهُ , 
فإذا كان أولياء الشيطان يصبرون ويقاتلون وهم على باطل فأهل الحق أولى كما قال الله تعالى:

 {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجونَ}
 [ النساء 104] 

 وثالثاً أن الذي يقاتل في سبيل الله معتمداً على ركُن وثيق وهو الحق والتوكل على الله فصاحب القوه والركنِ الوثيق يُطلب منهُ الصبر
 والثبات والنشاط مالا يُطلب ممن يقاتل عن الباطل الذي لا حقيقة له ولا عاقبة حميدة , فانتم تنتظرون الجزاء من الله و تنتظرون الجنة عكس الكفار.

 {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} :  الأصل فيه ان الشيطان كيدهُ ضعيف ليس له جزاء عنده  , أمّا رب العالمين سبحانه جل وعلا يجازي 
جزاءاً في الدنيا وجزاءاَ في الاخره .
والكيد سلوك الطرق الخفية في ضرر العدو .

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) (77)




{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ }:

 كانوا المسلمون إذا كانوا بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة .. فإنها لم تفرض بعد إلا في المدينة  ..ولم يأمر بالجهاد للعدو إلا في المدينة 
ولذلك فوائد :  إنّ من حكمة البارئ تعالى أنهُ يُشرّع لعبادهِ الشرائع على وجهاً لا يُشق عليهم ويبدأ بالأهم فالأهم والأسهل فالأسهل .

ثانياً : أنه لو فرض عليهم القتال مع قلة العدد والعدو وكثرة أعدائهم لأدى ذلك الى اضمحلال الإسلام .  فروعي جانب المصلحة العظمى على ما دونها ولغير ذلك من الحكم  .

وكان بعض المؤمنين يودون أن لو فرض عليهم القتال في ذلك يكون في مكه  , لكن الله عز وجل هو الخالق سبحانه هو أعلم بالمصلحة ..

 فلذلك كُتب القتال في المدينة لأن المؤمنين في المدينة أشتد عزمهم و أشتدت قوتهم  وأشتدت شوكتهم .


{رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} :
فلما هاجروا الى المدينة وقوي الإسلام كُتب عليهم القتال , قال فريقاَ من الذين يستعجلون القتال قبل ذلك .. خوفاَ من الناس وضعفاً وخيراً لم كتبت علينا القتال , وفي هذا تضجرهم وإعتراضهم على الله . 

 وكان الذي ينبغي لهم ضد هذا الحال , التسليم لأمر الله والصبر على أوامر الله فعكسو الأمر المطلوب منه .


{لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ  } أي :  لو أخرت القتال الى أجل قريب متأخراً الى الوقت الحاضر  .


{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى} : وعظهم الله في هذه الحاله فالتمتع بملذات الدنيا وراحتها قليل وتحمل الأثقال في طاعة الله في المده القصيره مما يُسهل على النفوس ويخف عليها لأنها اذا علمت أن المشقة التي تنالها لا يطول وقتها هان عليها ذلك . 

 فكيف لو وزانت بينها وبين الأخرة وأن الأخرة خير منها في ذاتها وملذاتها وزمانها  ,

الرسول صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَٰ يقول أن موضع صوت في الجنة خير من الدنيا وما فيها  .


{وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}  : فسعيكم للدار الأخره تجدونه  كاملا موفقا غير منقوص . 



( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ) (78)


{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ} :  أن القاعد لا يدفع عنهُ قعودهُ شيئا في آي زمان وفي آي مكان  .


{وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ } : قصور منيعه , منازل رفيعه  لا تمنع أحد من الموت  .. وكل هذا حثاً على الجهاد في سبيل الله تارة بالترغيب في فضله وثوابه وتارة بالترهيب من عقوبة تركه وتارة بالإخبار أنهُُ لا ينفع القاعدين قعودهم وتارة تسهيل الطريق في ذلك وقصرها . 



{ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ } : يُخبر الله تعالى عن الذين لا يعلمون المعرضين
 عما جاءت بهِ الرسل المعارضين لهم ,

  أنهم إذا جاءتهم حسنه آي خصُباً وكثرة أموالهم وتوفر اولاد وصحة قالوا هذهِ من عند الله  ,
وإن أصابتهم سيئه .. جذم أو فقر أو مرض أو موت قالوا هذهِ من عندك يعني بسبب ما جئت بها يامحمد . 

 { قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ } : كل الحسنة والسيئة والخير والشر من عند الله بقضائه وقدره وخلقه جل وعلا فمن هؤلاء القوم الذين يصدر   
منهم تلك المقاله الباطله  .


{لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} :  لا يكادون يفقهون الحديث بالكليه ولا يقرون به من فهمه ولا يفهمون منه إلا فهماً ضعيفاً إذأ االخير والشر كله منه سبحانه جل وعلا أما الشر فليس عند الله شراً محضا , 
فإذا نزل بك شر فهو ليس شر محض . 

مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)

 أ{ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ  }اخبر عن عموم رسالة رسوله محمداً صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَٰ  .


{ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا } :  على أنك رسول الله حقا بما قيدك بنصرهِ والمعجزات الباهرة والبراهين الساطعه فهي أكبر شهادة على الإطلاق 



نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يفتح علينا فتوح العارفين به يا ذا الجلال والإكرام وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم أجعل هذا الإجتماع إجتماع مرحوم وتفرق من بعدهِ تفرقاً معصوما ولا تجعل معنا شقياً ولا محروما اللهم لا تجعل معنا شقياً ولا محروما وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبهِ أجمعين .

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق